فلما توافقنا عرفت الذي بها ... كمثل الذي بي حذوك النعل بالنعل فانتهي فيها إلى قوله:
فسلمت واستأنست خيفة أن يرى ... عدو مكاني أو يرى كاشح فعلي
فقالت وأرخت جانب الستر إنما ... معي فتحدث غير ذي رقبة أهلي
فقلت لها ما لي بهم من ترقب ... ولكن سري ليس يحمله مثلي فقال جميل: هيهات يا أبا الخطاب، لا أقول والله مثل هذا أبداً، ما خاطب النساء مخاطبتك أحد، ثم قام مشمراً.
ويروى أن جميلاً لما أنشد عمر قوله:
خليلي فيما عشتما هل رأيتما (الأبيات المقدم ذكرها)
قال له جميل: أنشدني يا أبا الخطاب، فأنشده:
ألم تسأل الأطلال والمتربعا
فلما انتهى إلى قوله فيها:
فلما توافقنا وسلمت أشرقت ... وجوه زهاها الحسن أن تتقنعا
تبالهن بالعرفان لما رأينني ... وقلن: امرؤ باغٍ أضل وأوضعا
وقربن أسباب الهوى لمتيم ... يقيس ذراعاً كلما قسن إصبعا قال: فصاح جميل واستخذى وقال: ألا إن النسيب أخذ من هذا، وما أنشد حرفاً، فقال له عمر: اذهب بنا إلى بثينة حتى نسلم عليها، فقال له جميل: قد أهدر لهم السلطان دمي إن وجدوني عندها، وهاتيك أبياتها؛ فأتاها عمر حتى وقف على أبياتها وتأنس حتى كلم فقال: يا جارية أنا عمر بن أبي ربيعة فأعلمي بثينة مكاني، فخرجت إليه بثينة في مباذلها وقال: يا عمر، لا أكون من نسائك اللاتي تزعم أن قد قتلهن الوجد بك، فانكسر عمر، وإذا امرأة أدماء طويلة.