للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال عبد الله بن المعتز: جاءني محمد بن يزيد النحوي فجرى ذكر أبي تمام فلم يوفه حقه، فقال له رجل من الكتاب كان في المجلس، ما رأيت أحداً أحفظ لشعر أبي تمام منه: يا أبا العباس، ضع يدك على من شئت من الشعراء ثم انظر أيحسن أن يقول مثل ما قاله أبو تمام لأبي المغيث موسى بن إبراهيم الرافقي يعتذر إليه:

لعمري لقد أقوت مغانيكم بعدي ... ومحت كما محت وشائع من برد

وأنجدتم من بعد إتهام داركم ... فيا دمع أنجدني على ساكني نجد ثم مر فيها حتى بلغ إلى قوله في الاعتذار:

أتاني مع الركبان ظن ظننته ... لففت له رأسي حياءً من المجد

كريم متى أمدحه والورى ... معي ومتى ما لمته لمته وحدي حدث الصولي قال: كان أبو تمام إذا كلمه إنسان أجابه قبل انقضاء كلامه كأنه قد علم ما يقول فاعد جوابه، فقال له رجل: يا أبا تمام لم لا تقول من الشعر ما يعرف فقال: وأنت لم لا تعرف من الشعر ما يقال فأفحمه. وكان الذي قال له هذا أبو سعيد الضرير بخراسان، وكان هذا من علماء الناس وكان متصلاً بالطاهرية.

قال علي بن محمد بن عبد الكريم: لما صار إلينا أبو تمام مقدمه من مصر عمل قصيدته التي أولها:

أرامة كنت مألف كل ريم ... فاتصل خبرها بعتبة بن عصيم الذي يهجوه أبو تمام، وهو كلبي من قضاعة، وكان أديباً شاعراً، فأحب أن يسمع هذه القصيدة من أبي تمام فقال لمن حضر: ايتوني به، فجاءوا به فأنشده إياها، فلما فرغ قال: أحسنت يا غلام على صغر سنك، فسكت أبو تمام وقال: يا عم أنشدني من شعرك، فأنشده قصيدة، فلما فرغ قال: يا عم ما أحسنت على كبر سنك، فقال عتبة لبني عبد الكريم: أخرجوا هذا من بلدنا فليس يصلح أن يقيم في بلدنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>