وقال حاتم: وقع الثلج ببلخ فمكثت في بيت ثلاثة ومعي أصحابي فقلت: يخبرني كل رجل منكم بهمته؛ قال: فأخبروني فإذا ليس فيهم أحد لا يريد إلا ان يتوب من تلك الهمة؛ قال: فقالوا لي: همتك أنت يا أبا عبد الرحمن، قال: قلت: ما همتي إلا شفقة على إنسان يريد أن يحمل رزقي في هذا الطين؛ قال: وإذا رجل قد جاء ومعه جراب خبز وقد زلق فابتلت ثيابه بطين، وقال: يا [أبا] عبد الرحمن، خذ هذا الخبز.
قال حاتم: خرجت في سفر ومعي زاد فنفد زادي في وسط البرية فكان قلبي في السفر والحضر واحداً.
قيل لحاتم: من [أين] تأكل فقال: (ولله خزائن السموات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون) .
وقال: لي اربع نسوة وتسعة من الأولاد، فما طمع الشيطان أن يوسوس غلي في شيء من أرزاقهم.
وقال حاتم: لقينا الترك فكان بيننا جولة فرماني تركي بوهق فأقلبني عن فرسي ونزل عن دابته وقعد على صدري وأخذ بلحيتي هذه الوافرة وأخرج من خفه سكيناً ليذبحني بها، فوحق سيدي ما كان قلبي عنده ولا عند سكينة إنما كان قلبي عند سيدي فأنظر ماذا ينزل به القضاء، فقلت: يا سيدي قضيت علي أن يذبحني هذا فملى الرأس والعين أنا لك وملكك. فبينما أنا أخاطب سيدي وهو قاعد على صدري آخذ بلحيتين إذ رماه المسلمون بسهم فما اخطأ حلقه، فسقط عني فقمت أنا إليه وأخذت السكين من يده وذبحته، فما هو إلا أن تكون قلوبكم عند السيد حتى تروا من عجائب لطفه ما لم تروا من الآباء والأمهات.
وقال أبو بكر الوراق: حاتم الأصم لقمان هذه الأمة؛ قيل: جاءت امرأة فسالت حاتماً عن مسألة، فاتفق أن خرج منها في تلك الحالة صوت فخجلت، فقال لها حاتم: ارفعي صوتك، وأرى من نفسه أنه أصم، فسرت المرأة بذلك وقالت: لم يسمع الصوت، فغلب عليه اسم الصمم.
وجاء إليه رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن أي شيء رأس الزهد ووسط