للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زينتهن وإياك ومشاروتهن، وأكثر من ذلك. ثم نهض الحجاج فخرج ودخل الوليد على أم البنين فأخبزها بمقالة الحجاج فقالت: أحب أن تأمره غداً بالتسليم علي، أفعل. فلما غدا الحجاج على الوليد قال له: يا أبا محمد صر إلى أم البنين فسلم عليها، فقال: اعفني من ذلك يا أمير المؤمنين، قال: لابد منه؛ فمضى الحجاج إليها فحجبته طويلاً ثم أذنت له وتركته قائماً ولم تأذن له في الجلوس ثم قالت: إيه يا حجاج، أنت الممتن على أمير المؤمنين بقتل ابن الزبير وابن الأشعث أما والله لولا أن الله علم أنك أهون خليقته ما ابتلاك برمي الكعبة وقتل ابن ذات النطاقين؛ فأما ابن الأشعث فقد والله وإلى عليك الهزائم حتى لذت بأمير المؤمنين عبد الملك فأغاثك بأهل الشام وأنت في أضيق من القرن فأظلتك رماحهم ولطالما نفض نساء أمير المؤمنين المسك عن غدائرهن وبعنه في الأسواق حتى أخرج في أرزاق البعوث إليك، ولولا ذلك لكنت أذل من البقعة، وأما ما أشرت به على أمير المؤمنين من ترك لذاته والامتناع عن بلوغ أوطاره من نسائه فإنه غير قابل منك ولا مصغ إلى نصيحتك، فإن كن يفرجن عن مثلك فما أولاه بالقبول منك؛ ثم قالت لجواريها: أخرجوه عني، فدخل على الوليد من فوره فقال: يا أبا محمد، ما كنت فيه قال: والله يا أمير المؤمنين ما سكتت حتى كان بطن الأرض أحب إلي من ظهرها، فضحك الوليد حتى فحص برجليه ثم قال: يا أبا محمد أنها ابنة عبد العزيز.

وقيل أن أم البنين المذكورة كانت تهوى وضاح اليمن الشاعر، وكان جميلاً، وكانت ترسل إليه فيدخل إليها ويقيم عندها، وإذا خافت وارته في صندوق عندها وأقفلت عليه؛ وهو القائل:

حتام نكتم حزننا حتاما ... وعلام نستبقي الدموع علاما

يا رب أمتعني بطول بقائها ... واجبر بها الأرمال والأيتاما

قد أصبحت أم البنين مريضة ... تخشى وتشفق أن يكون حِماما فدخل الخادم إليها مفاجأة فرأى وضاحاً عندها فأدخلته الصندوق وأقفلت عليه، فطلب منها الخادم حجراً نفيساً كان يعرف عندها فمنعته إياه بخلاً به

<<  <  ج: ص:  >  >>