للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي من أعمال فلسطين، على البحر الشامي، بالقرب من عسقلان، وهي في أوائل بلاد الشام من جهة الديار المصرية، وهي إحدى الرحلتين المذكورتين في كتاب الله العزيز في قوله تعالى: رحلة الشتاء والصيف وأتفق أرباب التفسير أن رحلة الصيف بلاد الشام، ورحلة الشتاء بلاد اليمن، وقد كانت قريش في متاجرها تأتي إلى الشام في فصل الصيف لأجل طيبة بلادها في هذا الفصل، وتأتي اليمن في فصل الشتاء، لأنها بلاد حارة لا تستطيع الدخول إليها في فصل الصيف، وقال أبو محمد عبد الملك بن هشام، في أوائل سيرة رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أول من سن الرحلتين لقريش رحلة الشتاء والصيف هاشم جد النبي، صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر بعد هذا بقليل: قال ابن إسحاق: ثم هلك هاشم بن عبد مناف بغزة، من أرض الشام، تاجراً ثم قال بعد هذا بقليل: وقال مطرود بن كعب الخزاعي (١) يبكي بني عبد مناف جميعا، وذكر القصيدة، ومن جملتها:

وهاشم في ضريح وسط بلقعةٍ ... تسفي الرياح عليه بين غزات قال أهل العلم باللغة: إنما قال غزات، وهي غزة واحدة، كأنه سمى كل ناحية منها باسم البلدة، وجمعها على غزات، وصارت من ذلك الوقت تعرف بغزة هاشم، لأن قبره بها، لكنه غير ظاهر ولا يعرف، ولقد سألت عنه لما اجتزت بها، فلم يكن عندهم منه علم. ولما توجه أبو نواس الشاعر المشهور من بغداد إلى مصر ليمدح (٢) الخصيب بن عبد الحميد، صاحب ديوان الخراج بمصر، ذكر المنازل التي في طريقه، فقال:

طوالب بالركبان غزة هاشمٍ ... وبالفرما من حاجهن شعور وفي بيت أبي نواس لفظتان تحتاجان إلى التفسير، إحداهما: الفرما وهي - بفتح الفاء والراء - المدينة العظمى التي كانت كرسي الديار المصرية في


(١) شاعر لجأ لعبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف لجناية كانت منه فحماه وأحسن إليه فأكثر مدحه (انظر معجم المرزباني: ٢٨٣ وأمالي المرتضى ٢: ٢٦٨ وأنساب الأشراف ١: ٦٢) .
(٢) ج: ليمتدح.

<<  <  ج: ص:  >  >>