وكتب الحسن بن سهل إلى الحسن بن وهب وقد اصطبح في يوم غنيم لم يمطر: أما ترى تكافؤ الطمع واليأس في يومنا هذا بقرب المطر وبعده كأنه قول كثير (١) :
وإني وتهيامي بعزة بعدما ... [تخليت مما بيننا] وتخلت
لكالمرتجي ظل الغمامة كلما ... تبوأ منها للمقيل اضمحلت وأمنيتي إلا في لقائك، ورقعتي هذه الأبيات، وقد أدرت زجاجات أخذت من عقلي ولم تتحيفه، وبعثت نشاطاً حركني على الكتاب إليك، فرأيك في إمطاري سروراً بسار خبرك، إذ حرمت السرور بالمطر في هذا اليوم، موفقاً إن شاء الله تعالى. فأجابه الحسن بن وهب: وصل كتاب الأمير أيده الله ويدي عاملة وفمي طاعم، فلذلك تأخر الجواب قليلاً، وقد رأيت تكافؤ إحسان هذا اليوم وإساءته وما استحق ذماً لأنه إن أشمس حكى ضيائك وحسنك، وإن أمطر أشبه سخاءك وجودك، وإن أغام فلم يشمس ولم يمطر فقد أشبه طيب ظلك ولذة فنائك؛ وسؤال الأمير أيده الله عني نعمة من الله أعفي بها آثار الزمان المسيء، وأنا كما يحب الأمير، صرف الله الحوادث عنه وعن حظي منه.
ووقع الحسن بن سهل في رقعة: وقد أمرنا لك بشيء هو دون قدرك إلى استحقاق وفوق الكفاية مع الاقتصار.
وتعرض إليه رجل فقال له: من أنت قال: أنا الذي أحسنت إلي عام كذا، فقال: مرحباً بمن توسل إلينا بنا.
وافتعل رجل على الحسن كتاباً إلى إبراهيم الرازي - وكان أمير الأهواز - فقال له: والله لئن كنت صادقاً فما في ملكي ما يفي بحق الوزير، وإن كنت مفتعلاً فما في قدرتي ما يفي بعقوبتك، فحبسه وبعث يستعلم أمر الكتاب، وبلغ ذلك الحسن فأمر أن يكتب إليه: أما كان في صغير ما أنعمنا به عليك ما تصدق به مخلية رجل توسل بنا إن كان مبطلاً فكيف وهو محق
(١) من تائيته التي أوردها القالي في أماليه ٢: ١٠٥.