للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العباس ثم أطلقه بعد أيام وقال له: امض إلى صاحبك وعرفه ما رأيت، فدخل بغداد في شهر رمضان من السنة، وحضر بين يدي المعتضد فخلع عليه.

ثم إن القرامطة دخلوا بلاد الشام في سنة تسع وثمانين ومائتين، وجرت بين الطائفتين وقعات يطول شرحها.

ثم قتل أبو سعيد المذكور في سنة إحدى وثلثمائة (١) ، قتله خادم له في الحمام وقام مقامه ولده أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد، ولما قتل أبو سعيد كان قد استولى على هجر والقطيف والطائف وسائر بلاد البحرين.

(٢٤) وفي سنة إحدى عشرة وثلثمائة (٢) في شهر ربيع الآخر منها، قصد أبو طاهر وعسكره البصرة وملكوها بغير قتال، بل صعدوا إليها ليلاً بسلالم الشعر، فلما حصلوا بها واحسوا بهم ثاروا إليهم فقتلوا متولي البلاد ووضعوا السيف في الناس فهربوا منهم، وأقام أبو طاهر سبعة عشر يوماً يحمل منها الأموال، ثم عاد إلى بلده، ولم يزالوا يعيشون في البلاد ويكثرون فيها الفساد من القتل والسبي والنهب والحريق إلى سنة سبع عشرة وثلثمائة، فحج الناس فيها، وسلموا في طريقهم.

ثم وافاهم أبو طاهر القرمطي بمكة يوم التروية، فنهبوا أموال الحجاج وقتلوهم حتى في المسجد الحرام وفي البيت نفسه؛ وقلع الحجر الأسود وأنفذه إلى هجر، فخرج إليه أمير مكة في جماعة من الأشراف فقاتلوه فقتلهم أجمعين وقلع باب الكعبة، واصعد رجلاً ليقلع الميزاب فسقط فمات، وطرح القتلى في بئر زمزم ودفن الباقين في المسجد الحرام من غير كفن ولا غسل ولا صلاة على أحد منهم. وأخذ كسوة البيت فقسمها بين أصحابه، ونهيب دور أهل مكة، فلما بلغ ذلك المهدي عبيد الله صاحب إفريقية - الآتي ذكره إن شاء الله تعالى - كتب إليه ينكر عليه ذلك ويلومه ويلعنه ويقيم عليه القيامة، ويقول له: حققت على شيعتنا ودعاة دولتنا الكفر واسم الإلحاد بما قد فعلت، فإن لم


(١) تاريخ ابن الأثير ٨: ٨٣.
(٢) المصدر السابق: ١٤٣، ١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>