للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حسنة وممتعاً في حديثه، أديباً، عالماً بالسياسة والتدبير، وكان ذا يسار ويعالج الصرف بالكوفة، وأنفق أموالاً كثيرة في إقامة دولة بني العباس، وصار إلى خراسان في هذا المعنى، وأبو مسلم الخراساني يومئذ تابع له في هذا الأمر، وكان يدعو إلى بيعة إبراهيم الإمام أخي السفاح، فلما قتله مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية بحران وانقلبت الدعوة إلى السفاح، توهموا من أبي سلمة المذكور أنه مال إلى العلويين، فلما ولي السفاح واستوزره بقي في نفسه منه شيء، فيقال: إن السفاح سير إلى أبي مسلم وهو بخراسان يعرفه بفساد نية أبي سلمة ويحرضه على قتله، ويقال: إن أبا مسلم لم اطلع على ذلك كتب إلى السفاح وعرفه بحاله وحسن له قتله، فلم يفعل، وقال: هذا الرجل بذل ماله في خدمتنا ونصحنا، وقد صدرت منه هذه الزلة، فنحن نغتفرها له.

فلما رأى أبو مسلم امتناعه من ذلك سير جماعة كمنوا له ليلاً، وكانت عادته أن يسمر عند السفاح، فلما خرج من عنده وهو في مدينته بالأنبار ولم يكن معه أحد وثبوا عليه وخبطوه بأسيافهم، وأصبح الناس يقولون: قتلته الخوارج، وكان قتله بعد خلافة السفاح بأربعة أشهر، وولي السفاح الخلافة ليلة الجمعة ثالث عشر شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين ومائة. ولما سمع السفاح بقتله أنشد:

إلى النار فليذهب ومن كان مثله ... على أي شيء فاتنا منه نأسف وذكر في كتاب " أخبار الوزراء " أن قتله كان في رجب سنة اثنتين وثلاثين ومائة.

وكان أبو سلعة يقال له: وزير آل محمد، فلما قتل عمل في ذلك سليمان ابن المهاجر البجلي:

إن المساءة قد تسر وربما ... كان السرور بما كرهت جديرا

إن الوزير وزير آل محمد ... أودى فمن يشناك كان وزيرا ولم يكن خلالاً، وإنما كان منزله بالكوفة في حارة الخلالين، فكان يجلس

<<  <  ج: ص:  >  >>