قال: فشاعت هذه الأبيات وضحك الناس منها، فكان ابن عبدل بعد ذلك يقول ليحيى: يا ابن الزانية ما أردت من عصاي حتى صيرتها ضحكة، واجتنب أن يكتب عليها كما كان يفعل وكاتب الناس بحوائجه في الرقاع.
وكان للحكم بن عبدل صديق أعمى يقال له أبو علية، وكان ابن عبدل قد أقعد، فخرجا ليلة من منزلهما إلى منزل بعض أخوانهما والحكم يحمل وأبو علية يقاد، فلقيهما صاحب العسس بالكوفة فأخذهما فحبسهما، فلما استقرا في الحبس نظر الحكم إلى عصا أبي علية موضوعة إلى جانب عصاه فضحك وأنشأ يقول:
حبسي وحبس أبي علي من أعاجيب الزمان ...
أعمى يقاد ومقعد ... لا الرجل ولا اليدان هذا بلا بصر هناك وبي يخب الحاملان ...
يا من رأى ضب الفلاة ... قرين حوت في مكان طرفي وطرف أبي علي دهرنا متوافقان ...
من يقتحم بجواده ... فجوادنا عكازتان
طرفان لا علفاهما ... بشرى ولا يتصاولان
هبني وإياه الحريق ... أكان يسطع بالدخان وكان اسم أبي علية يحيى، فقال الحكم فيه أيضاً:
أقول ليحيى ليلة السجن سادراً ... ونومي به نوم الأسير المقيد
أعني على رعي النجوم ولحظها ... أعنك على تحبير شعر مقصد
ففي حالتينا عبرة وتفكر ... وأعجب منها حبس أعمى ومقعد
كلانا إذا العكاز فارق كفه ... يخر صريعاً بل على الوجه يسجد
فعكازه يهدي إلى السبل اكمهاً ... وأخرى مقام الرجل قامت مع اليد قال: وولي الشرطة بالكوفة رجل أعرج ثم ولي الإمارة آخر أعرج وخرج ابن عبدل - وكان أعرج - فلقي سائلاً أعرج قد تعرض للأمير يسأله فقال ابن عبدل للسائل: