الرقعة، وكان لخلف سبع عشرة سنة؛ قال: فلما قرأها قال: أدخل الرجل، فدخلت فسلمت فصعد في النظر، ثم قال لي: أنت خلف قلت: نعم، قال لي: أنت لم تخلف ببغداد أحداً أقرأ منك فسكت، فقال لي: اقعد هات اقرأ، قلت: عليك قال: نعم، قلت: لا إله إلا الله، لا أقرأ على رجل يستصغر رجلاً من حملة القرآن، وتركته وخرجت، فوجه إلى سليم فسأله أن يردني إليه فلم أرجع؛ قال: فندمت واحتجت، فكتبت قراءة عاصم عن يحيى ابن آدم عن أبي بكر ابن عياش.
وقال خلف: أتيت سليم بن عيسى لأقرأ عليه، وكان بين يديه قوم وأظنهم سبقوني، فلما جلست قال: بلغني أنك تريد الترفع في القراءة فلست آخذ عليك شيئاً، قال: فكنت أحضر المجلس أسمع ولا يأخذ علي شيئاً، فبكرت يوماً في الغلس، وخرج فقال: من ها هنا يتقدم ويقرأ، فتقدمت واستفتحت بسورة يوسف وهي من أشد القرآن إعراباً، فقال لي: من أنت فما سمعت أقرأ منك فقلت: خلف، فقال لي: فعلتها ما يحل لي أن أمنعك، فكنت أقرأ عليه حتى بلغت يوماً حم المؤمن، فلما بلغت إلى قوله تعالى:(ويستغفرون للذين آمنوا) . بكى بكاءً شديداً ثم قال لي: يا خلف ألا ترى ما أعظم حق المؤمن تراه نائماً على فراشه والملائكة يستغفرون له.
وروى خلف بسنده إلى أبي هريرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل خلق مائة رحمة فأنزل منها رحمة على عباده يتراحمون بها وخبأ تسعاً وتسعين عنده فإذا كان يوم القيامة جمع تيك الرحمة إلى التسع والتسعين وفضها على عباده، فمن رحمة واحدة جعلني مسلماً وعلمني القرآن وعرفني نبيه صلى الله عليه وسلم وفعل بي وفعل بي وأنا أرجو من تسع وتسعين الجنة.
وذكر لأبي جعفر النفيلي خلف بن هشام البزار فقال: كان من أصحاب السنة لولا بلية كانت فيه، يشرب النبيذ؛ قال عبد الكريم بن الحداد: وكان خلف يشرب من الشراب على التأويل، فكان ابن أخته يوماً يقرأ عليه سورة الأنفال حتى بلغ قوله تعالى:" ليميز الله الخبيث من الطيب " الأنفال فقال:: يا خال إذا ميز الله الخبيث من الطيب أين يكون الشراب قال: