للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السدوسي ونصر بن علي الجهضمي وغيرهما، فما جاء الذي عملوه مناسباً لما وضعه الخليل في الأول، فأخرجوا الذي وضعه الخليل منه، وعملوا أيضاً الأول، فلهذا وقع فيه خلل كثير يبعد وقوع الخليل في مثله، وقد صنف ابن درستويه في ذلك كتاباً استوفى الكلام فيه، وهو كتاب مفيد (١) .

ويقال: إن الخليل كان له ولد مختلف، فدخل على أبيه يوماً فوجده يقطع بيت شعر بأوزان العروض، فخرج إلى الناس وقال: إن أبي قد جن، فدخلوا عليه وأخبروه بما قال ابنه، فقال مخاطباً له:

لو كنت تعلم ما أقول عذرتني ... أو كنت تعلم ما تقول عذلتكا

لكن جهلت مقالتي فعذلتني ... وعلمت أنك جاهل فعذرتكا وقد روي عنه أنه أنشد، ولم يذكر لنفسه أم لغيره:

يقولون لي دار الأحبة قد دنت ... وأنت كئيب إن ذا لعجيب

فقلت: وما تغني الديار وقربها ... إذا لم يكن بين القلوب قريب ويحكى عنه أنه قال: كان يتردد إلى شخص يتعلم العروض وهو بعيد الفهم، فأقام مدة ولم يعلق على خاطره شيء منه، فقلت له يوماً: قطع هذا البيت:

إذا لم تستطيع شيئاً (٢) فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع


(١) قال الأزهري في مقدمة التهذيب (١: ٢٨) عند ذكر الليث بن المظفر (أو الليث بن نصر أو ابن رافع) إنه نحل الخليل بن أحمد كتاب العين جملة لينفقه باسمه ويرغب فيه من حوله، وأثبت لنا عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي الفقيه أنه قال: كان الليث بن المظفر رجلاً صالحاً، ومات الخليل ولم يفرغ من كتاب العين، فأحب الليث أن ينفق الكتاب كله فسمى لسانه الخليل، فإذا رأيت في الكتاب " سألت الخليل بن أحمد " أو " أخبرني الخليل بن أحمد " فإنه يعني الخليل نفسه، وإذا قال " قال الخليل " فإنما يعني لسان نفسه (وانظر بقية الصفحة ٢٩ ففيها تحقيقات هامة عن هذا الكتاب) .
(٢) م: أمراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>