للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دخل إبراهيم على المأمون فشكا إليه حاله، وقال: يا أمير المؤمنين، إن الله سبحانه وتعالى فضلك في نفسك علي وألهمك الرأفة والعفو عني، والنسب واحد، وقد هجاني دعبل فانتقم لي منه، فقال المأمون: ما قال لعل قوله:

نعر ابن شكلة بالعراق ... ... وأنشد الأبيات، فقال: هذا من بعض هجائه، وقد هجاني بما هو أقبح من هذا، فقال المأمون: لك أسوة بي فقد هجاني واحتملته، وقال في (١) :

أيسومني المأمون خطة جاهل ... أو ما رأى بالأمس رأس محمد

إني من القوم الذين سيوفهم ... قَتَلتْ أخاك وشرفتك بمقعد

شادوا بذكرك بعد طول خموله ... واستنقذوك من الحضيض الأوهد فقال إبراهيم: زادك الله حلماً يا أمير المؤمنين وعلماً فيما ينطق أحدنا إلا عن فضل علمك ولا يحلم إلا اتباعاً لحلمك.

وأشار دعبل في هذه الأبيات إلى قضية طاهر بن الحسين الخزاعي - الآتي ذكره إن شاء الله تعالى - وحصاره بغداد، وقتله الأمين محمد بن الرشيد، وبذلك ولي المأمون الخلافة. والقصة مشهورة، ودعبل خزاعي، فهو منهم، وكان المأمون إذا أنشد هذه الأبيات يقول: قبح الله دعبلاً فما أوقحه (٢) ، كيف يقول عني هذا وقد ولدت في حجر الخلافة ورضعت يديها وربيت في مهدها

[ومثل هذا الحلم بل أعظم ما حكي عن الواثق أنه كان يحب الباذنجان ويكثر من أكله ومعظم الرمد بالعراق من أكل الباذنجان لحر الإقليم والسوداء المتولدة من أكله، فبعث إليه أبوه المعتصم وقال له: دع أكل الباذنجان واحفظ بصرك فمتى رأيت خليفة أعمى فقال للرسول: قل لأمير المؤمنين إني تصدقت بعيني على الباذنجان، ثم رمد رمدة صعبة ما تخلص منها إلا وعلى إحدى عينيه بياض كاد


(١) ديوانه: ٦٩.
(٢) أ: أقبحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>