للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان يزيد (١) أخو روح والياً على إفريقية، فلما توفي يزيد يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة سبعين ومائة بإفريقية في مدينة القيروان ودفن بباب سلم - وكان أقام والياً عليها خمس عشرة سنة وثلاثة أشهر - قال أهل إفريقية: ما أبعد ما يكون بين قبري هذين الأخوين، فإن أخاه بالسند وهذا ها هنا، فاتفق أن الرشيد عزل روحاً عن السند وسيره إلى موضع أخيه يزيد، فدخل إلى إفريقية أول رجب سنة إحدى وسبعين ومائة، ولم يزل والياً عليها إلى أن توفي بها لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة أربع وسبعين ومائة، ودفن في قبر أخيه يزيد، فعجب الناس من هذا الاتفاق بعد ذلك التباعد، رحمهما الله تعالى.

(٤٠) ويزيد المذكور هو الذي قصده ربيعة بن ثابت الأسدي الرقي فأحسن إليه، وكان ربيعة مدح يزيد بن أسيد السلمي فقصر يزيد في حقه، فمدح يزيد بن حاتم وهجا يزيد السلمي بقصيدته الميمية التي يقول من جملتها (٢) :

لشتان ما بين اليزيدين في الندى ... يزيد سليم والأغر ابن حاتم

فهم الفتى الأزدي إتلاف ما له ... وهم الفتى القيسي جمع الدراهم

فلا يحسب التمام أني هجوته ... ولكنني فضلت أهل المكارم ومنها:

فيا ابن أسيد لا تسام ابن حاتم ... فتقرع إن ساميته سن نادم

هو البحر إن كلفت نفسك خوضه ... تهالكت في آذيه المتلاطم

تمنيت مجداً في سليم سفاهة ... أماني خال أو أماني حالم

ألا إنما آل المهلب غرة ... وفي الحرب قادات لكم بالخزائم


(١) ولي يزيد إفريقية في خلافة أبي جفعر فأصلحها ورتب أمر القيروان وجدد مسجدها، وكان غاية في الجود، وقبل ولايته المغرب كان قد ولي ولايات كثيرة منها أرمينية والسند ومصر وأذربيجان.
(٢) انظر الحلة السيراء ١: ٧٤ ومصادر تاريخية أخرى، والأغاني: ١٦: ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>