للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لكم الأرض كلها فأعيروا ... عبدكم ما احتوى عليه جداره فأمر له بدار عوضاً عنها.

ولما قدم المهدي بن المنصور من الري إلى بغداد دخل عليه أبو دلامة للتسليم والتهنئة بقدومه، فأقبل عليه المهدي، وقال له: كيف أنت يا أبا دلامة فقال: يا أمير المؤمنين:

إني حلفت (١) لئن رأيتك سالماً ... بقرى العراق وأنت ذو وفر

لتصلين على النبي محمد ... ولتملأن دراهماً حِجْري فقال المهدي: أما الأولى فنعم، وأما الثانية فلا، فقال: جعلني الله فداك! إنهما كلمتان لا يفرق بينهما، فقال: يملأ حجر أبي دلامة دراهم، فقعد وبسط حجره فملئ دراهم، فقال له: قم الآن يا أبا دلامة، فقال: ينخرق قميصي يا أمير المؤمنين، حتى أشيل الدراهم وأقوم، فردها إلى الأكياس ثم قام فدعا له وخرج بها وله أشعار كثيرة، وذكره ابن المنجم في كتاب " البارع في اختيار شعر المحدثين ".

ومن أخباره: أنه مرض ولده، فاستدعى طبيباً ليداويه وشرط له جعلاً معلوماً، فلما برئ قال له: والله ما عندنا شيء نعطيك، ولكن ادع على فلان اليهودي - وكان ذا مال كثير - بمقدار الجعل، وأنا وولدي نشهد لك بذلك، فمضى الطبيب إلى القاضي بالكوفة - وكان يومئذ محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وقيل: عبد الله بن شبرمة - وحمل إليه اليهودي المذكور، وادعى عليه بذلك المبلغ، فأنكر اليهودي، فقال: لي بينة، وخرج لإحضارها، فأحضر أبا دلامة وولده، فدخلا إلى المجلس، وخاف أبو دلامة أن يطالبه القاضي بالتزكية فأنشد في الدهليز قبل دخوله بحيث يسمع القاضي:

إن الناس غطوني تغطيت عنهم ... وإن بحثوا عني ففيهم مباحث


(١) هـ: ولقد نذرت.

<<  <  ج: ص:  >  >>