للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظن أني أريد قتله فأشار إلي بإصبعه السبابة يستعطفني، فوقفت من هيبته وقلت له: يا مولانا، من فعل بك هذا فلم يقدر على الكلام، وفاضت نفسه لوقته. وكان شديد الهيبة على عسكره ورعيته، عظيم السياسة، لا يقدر القوي على ظلم الضعيف، وكانت البلاد قبل أن يملكها خراباً من الظلم ومجاورة الفرنج، فعمرها وامتلأت أهلاً وسكاناً.

قال عز الدين بن الأثير في تاريخه: حكى لي والدي قال: رأيت الموصل وأكثرها خراب، وكان الإنسان لا يقدر على المشي إلى الجامع العتيق إلا ومعه من يحميه لبعده عن العمارة، وهو الآن في وسط العمارة.

وكان شديد الغيرة لا سيما على نساء الأجناد، وكان يقول: لو لم تحفظ نساء الأجناد بالهيبة وإلا فسدن لكثرة غيبة أزواجهن في الأسفار. وكان من أشجع خلق الله تعالى] (١) .

وصفين - بكسر الصاد المهملة وتشديد الفاء وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها نون - وهي أرض على شاطئ الفرات بالقرب من قلعة جعبر، إلا أنها في بر الشام، وقلعة جعبر في بر الجزيرة الفراتية، بينهما مقدار فرسخ أو أقل، وفيها مشهد في موضع الوقعة المشهورة التي كانت بها بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، وبهذه الأرض قبور جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - حضروا هذه الوقعة وقتلوا بها، منهم عمار بن ياسر رضي الله عنه.

(٤١) وتوفي القاضي بهاء الدين أبو الحسن علي بن القاسم الشهرزوري الرسول المذكور يوم السبت سادس عشر رمضان سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة بحلب، وحمل إلى صفين ودفن بها، رحمه الله تعالى عليه.


(١) زيادة من النسخة ص وحدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>