للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غضب سالم وقال: يزعم أني حريض وقال يرد عليه:

ما أقبح التزهيد من واعظ ... يزهد الناس ولا يزهد

لو كان في تزهيده صادقاً ... أضحى وأمسى بيته المسجد

ويرفض الدنيا ولم يقنها ... ولم يكن يسعى ويسترفد

يخاف أن تنفد أرزاقه ... والرزق عند الله لا ينفد

والرزق مقسوم على من ترى ... يناله الأبيض والأسود

كل يوفى رزقه كاملاً ... من كف عن جهد ومن يجهد وكان سالم من الشعراء المجيدين من تلامذة بشار، وصار يقول أرق من شعر بشار. وكان بشار قد قال:

من راقب الناس لم يظفر بحاجته ... وفاز بالطيبات الفاتك اللهج وقال سالم:

من راقب الناس مات غماً ... وفاز باللذة الجسور فغضب بشار وقال: ذهب والله بيتي؛ يأخذ المعاني التي تعبت فيها فيكسوها ألفاظاً أخف من ألفاظي، لا أرضى عنه، فما زالوا يسألونه حتى رضي عنه.

وقال أبو معاذ النميري: رأيت بشاراً لما قال هذا البيت وهو يلهج به كثيراً:

من راقب الناس لم يظفر بحاجته ... البيت ... قلت: يا أبا معاذ، قد قال سالم الخاسر بيتاً في هذا المعنى هو أخف من هذا، وأنشدته:

من راقب الناس مات غماً ... فقال: ذهب والله بيتي، والله لا أكلت اليوم شيئاً ولا صمت.

وكانت وفاة سالم المذكور سنة ست وثمانين ومائة، رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>