للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتبك تأتينا فننفذها، قال: من هذا قال: أبو عبيد الله وزيري، قال: احذره فإنه كذاب، إني ما كتبت إليك، ثم قام فقال له المهدي: إلى أين با أبا عبد الله، قال: أعود؛ وكان قد ترك نعله حين قامن فعاد فأخذها ثم مضى، فانتظره المهدي فلم يعد، فقال: وعدنا أن يعود فلم يعد، فعلم أنه عاد لأخذ نعله، فغضب فقال: قد أمن الناس إلا سفيان الثوري وإنه لفي المسجد الحرام، فذهب فألقى نفسه بين النساء فخبأنه، فقيل له: لم فعلت فقال: إنهن أرحم؛ ثم خرج إلى البصرة فلم يزل بها حتى مات.

قال عبد الرحمن بن مهدي: لما قدم سفيان البصرة والسلطان يطلبه، صار في بعض البساتين، واجر نفسه على أن يحفظ ثمارها، فمر به بعض العشارين فقال: من أين أنت يا شيخ قال: من أهل الكوفة، قال: أخبرني رطب البصرة أخلى أم رطب الكوفة قال: أما رطب البصرة فلم أذقه ولكن رطب السابري بالكوفة حلو، فقال: ما أكذبك من شيخن الكلاب والبر والفاجر يأكلون الرطب الساعة وأنت تزعم أنك لم تذقه! فرجع إلى العامل ليخبره بما قال لتعجبه، فقال: ثكلتك أمك، ادركه إن كنت صادقاً فإنه سفيان الثوري لتتقرب به إلى أمير المؤمنين، فرجع في طلبه فما قدر عليه.

ودخل سفيان على المهدي فكلمه بكلام فيه غلظة فقال له عيسى بن موسى: تكلم أمير المؤمنين بمثل هذا الكلام وإنما أنت رجل من ثور، فقال له سفيان: إن من أطاع الله من ثور خير ممن عصى الله من قومك.

وكان فتى يجالسه ولا يتكلم، فأحب سفيان أن يعرف نطقه فقال له: يا فتى إن من كان قبلنا مروا على خيل سابقة وبقينا بعدهم على حمر دبرة، فقال الفتى: يا أبا عبد الله، إن كنا على الطريق فما أسرع لحوقنا بهم.

وحدث أبو بكر ابن عياش قال: كنت أنا وسفيان الثوري نمشي فرأينا شيخاً أبيض الرأس واللحية حسن السمت، فقال له سفيان: يا شيخ أعندك شيء من الحديث قال: لا، ولكن عندي عتيق سنين، فنظرنا فإذا هو خمار.

وحكى ضمرة قال: سألت سفيان الثوري: أصافح اليهود والنصارى فقال: برجلك نعم. وقال له رجل: إني أريد الحج، فقال: لا تصحب من

<<  <  ج: ص:  >  >>