أهل الكوفة ولم أر في عمال السلطان أبرع منه، فدخلت عليه مسلماً فقال لي: يا سجستاني، من علماؤكم بالبصرة قلت: الزيادي أعلمنا بعلم الأصمعي، والمازني أعلمنا بالنحو، وهلال الرأي أفقهنا، والشاذكوني من أعلمنا بالحديث، وأنا - رحمك الله - انسب إلى علم القرآن، وابن الكلبي من أكتبنا للشروط. قال: فقال لكاتبه: إذا كان غداً فاجمعهم الي، قال: فجمعنا فقال: أيكم المازني فقال أبو عثمان: ها أنا ذا، قال: هل يجزي في كفارة الطهارة عتق عبد أعور قال المازني: لست صاحب فقه، أنا صاحب عربية، قال: يا زيادي، كيف يكتب بين بعل وامرأة خالعها على الثلث من صداقها قال: ليس هذا من علمي، هذا من علم هلال الرأي، قال: يا هلال، كم اسند ابن عون عن الحسن قال: ليس هذا من علمي، هذا من علم الشاذكوني، قال: يا شاذكوني، من قرأ:(ألا أنهم يثنون صدورهم) . قال: ليس هذا من علمي، هذا من علم أبي حاتم، قال: يا أبا حاتم، كيف تكتب كتاباً إلى أمير المؤمنين تصف خصاصة أهل البصرة وما أصابهم بي وتسأله النظر بالبصرة قلت: لست صاحب براعة وكتابة، أنا صاحب قرآن؛ قال: ما أقبح بالرجل بتعاطى العلم خمسين سنة لا يعرف إلا فناً واحداً حتى إذا سئل عن غيره لم يحل فيه ولم يمر، لكن عالمنا بالكوفة الكسائي لو سئل عن هذا كله لأجاب] (١) .
وقال أبو حاتم لتلميذه: إذا أردت أن تضمن كتاباً سراً فخذ لبناً حليباً فاكتب به في قرطاس، فيذر المكتوب إليه عليه رماداً سخناً من رماد القراطيس فيظهر المكتوب، وإن كتبته بماء الزاج الأبيض، فإذا ذر عليه المكتوب إليه شيئاً من العفص ظهر، وكذا بالعكس.
وله من المصنفات كتاب " إعراب القرآن " وكتاب " ما يحلن فيه العامة " وكتاب " الطير " وكتاب " المذكر والمؤنث " وكتاب " النبات " وكتاب " المقصور والممدود " وكتاب " الفرق " وكتاب " القراءات " وكتاب " المقاطع والمبادي " وكتاب " الفصاحة " وكتاب " النخلة " وكتاب " الأضداد " وكتاب " القسي والنبال