للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدين في موكبه، فلم يتجاسر أحد عليه إلا صلاح الدين، فإنه تلقاه وسار إلى جانبه وأخذ بتلابيبه وأمرالعسكر بقصد أصحابه، ففروا ونهبهم العسكر، وأنزل شاور في خيمة مفرده، وفي الحال جاء توقيع على يد خادم خاص من جهة المصريين يقول: لابد من رأسه، جرياً على عادتهم مع وزرائهم، فحز رأسه وأنقذه إليهم، وسير إلى أسد الدين خلع الوزارة فلبسها، وسار ودخل القصر وترتب وزيراً، وذلك في سابع عشر شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة.

وذكر الحافظ ابن عساكر في تاريخه أن شاور وصل إلى نور الدين مستجيراً فأكرمه واحترمه وبعث معه جيشاً فقتلوا خصمه ولم يقع منه الوفاء بما ورد من جهته، ثم إن شاور بعث إلى ملك الفرنج واستنجده وضمن له أمولاً، فرجع عسكر نور الدين إلى الشام، وحدث ملك الفرنج نفسه بملك مصر، فحضر إلى بلبيس وأخذها وخيم عليهان فلما بلغ نور الدين ذلك جهز عسكراً إليها، فلما سمع العدو بتوجه الجيش رجعوا خائبين، واطلع من شاور على المخامرة، وأنفذ يراسل العدو طمعاً منه في المظافرة، فلما خيف من شره تمارض أسد الدين فجاءه شاور عائداً له فوثب جرديك وبرغش موليا نور الدين فقتلا شاور، وكان ذلك برأي الملك الناصر صلاح الدين، فإنه أول من تولى القبض عليه ومد يده بالمكروه إليه، وصفا الأمر لأسد الدين، وظهرت السنة بالديار المصرة، وخطب فيها بعد اليأس للدولة العباسية.

وللفقيه عمارة اليمني - الآتي ذكره - فيه مدائح، من جملتها قوله من جملة قصيد:

ضجر الحديد من الحديد وشاور ... من نصر دين محمد لم يضْجرِ

حلف الزمان ليأتين بمثله ... حنثت يمينك يا زمان فكَفرِ وحكى الفقيه عمارة المذكور (١) أنه لما تم الأمر لشاور وانقرضت دولة بني


(١) راجع النكت العصرية: ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>