للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محسناً للسؤال حاذقاً في استخراج الأموال، وجمع له كتاب " الفصوص " نحا فيه منحى القالي في أماليه، وأثابه عليه خمسة آلاف دينار، وكان يتهم بالكذب في نقله، فلهذا رفض الناس كتابه.

ولما دخل مدينة دانية وحضر مجلس الموفق مجاهد بن عبد الله العامري أمير البلد كان في المجلس أديب يقال له بشار، فقال للموفق مجاهد: دعني أعبث بصاعد، فقال له مجاهد لا تتعرض إليه فإنه سريع الجواب، فأبى إلا مشاكلته (١) ، فقال له بشار، وكان أعمى: يا أبا العلاء، فقال: لبيك، فقال: ما الجرنفل في كلام العرب فعرف أبو العلاء أنه قد وضع هذه الكلمة وليس لها أصل في اللغة، فقال له بعد أن أطرق ساعة: هو الذي يفعل بنساء العميان ولا يفعل بغيرهن، ولا يكون الجرنفل جرنفلاً حتى لا يتعداهن إلى غيرهن، وهو في ذلك كله يصرح ولا يكني، قال: فخجل بشار وانكسر، وضحك من كان حاضراً، فقال له الموفق: قلت لك لا تفعل فلم تقبل.

وتوفي صاعد المذكور سنة سبع عشرة وأربعمائة بصقيلة، رحمه الله.

ولما ظهر (٢) للمنصور كذبه في النقل (٣) وعدم تثبيته، رمى كتاب " الفصوص " في النهر، لأنه قيل له: جميع ما فيه لا صحة له، فعمل فيه بعض شعراء عصره:

قد غاص في البحر كتاب الفصوص ... وهكذا كل ثقيل يغوص فلما سمع صاعد هذا البيت أنشد:

عاد إلى عنصره إنما ... يخرج من قعر البحور الفصوص وله أخبار كثيرة في الامتحان (٤) ، ولولا التطويل لذكرتها.

والجرنفل: بفتح الجيم والراء وسكون النون وضم الفاء وبعدها لام.


(١) هـ: مساءلته.
(٢) ص: حكي.
(٣) أ: القول.
(٤) انفردت النسخة ج في هذا الموضع برواية أخبار صاعد كلها منقول عن الذخيرة لابن بسام ١/٤: ٧ - ١٦، فأغنانا ذلك في إثباتها هنا، وقول المؤلف " ولولا التطويل لذكرتها " يشير إلى أنه بنى الترجمة على الإيجاز؛ وما ورد هنا هو ما جاء بتمامه في المسودة أيضاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>