يكلفني القاضي الجليل مسائلاً ... هي النجم قدراً بل أعز وأطول
ولو لم أجب عنها لكنت بجهلها ... جديراً ولكن من يودك مقبل فأجبته عنه، وقلت:
أنار ضمير من يعز نظيره ... من الناس طراً سابغ الفضل مكمل
ومن قلبه كتب العلوم بأسرها ... وخاطره في حدة النار مشعل
تساوى له سر المعاني وجهرها ... ومعضلها باد لديه مفصل
ولما أنار الحب قاد منيعه ... أسيراً بأنواع البيان يكبل
وقربه من كل فهم بشكفه ... وإيضاحه حتى رآه المغفل
وأعجب منه نظمه الدر مسرعاً ... ومرتجلاً من غير ما يتمهل
فيخرج من بحر ويسمو مكانه ... جلالاً إلى حيث الكواكب تنزل
فهنأه الله الكريم بفضله ... محاسنه والعمر فيها مطول فأجاب مرتجلاً وأملى على الرسول:
ألا أيها القاضي الذي بدهائه ... سيوف على أهل الخلاف تسلل
فؤادك ممهور من العلم آهل ... وجدك في كل المسائل مقبل
فإن كنت بين الناس غير ممول ... فأنت من الفهم المصون ممول
إذا أنت خاطبت الخصوم مجادلاً ... فأنت، وهم مثل الحمائم، أجدل
كأنك من في الشافعي مخاطب ... ومن قلبه تملي فما تتمهل
وكيف يرى علم ابن إدريس دارساً ... وأنت بإيضاح الهدى متكفل
تفضلت حتى ضاق ذرعي بشكر ما ... فعلت وكفي عن جوابك أجمل
لأنك في كنه الثريا فصاحة ... وأعلى ومن يبغي مكانك أسفل
فعذرك في أني أجبتك واثقاً ... بفضلك فالإنسان يسهو ويذهل
وأخطأت في إنفاذ رقعتك التي ... هي المجد لي منها أخير وأول
ولكن عداني أن أروم احتفاظها ... رسولك وهو الفاضل المتفضل