للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان مولده سنة تسع وخمسين ومائة. وتوفي يوم السبت لخمس بقين من جمادى الآخرة سنة سبع ومائتين بمدينة مرو رحمه الله تعالى.

وكان المأمون قد ولاه خراسان، فوردها في شهر ربيع الآخر سنة ست ومائتين، واستخلف ابنه طلحة، هكذا قال السلامي في كتاب " أخبار ولاة خراسان "، وقال غيره (١) : إنه خلع طاعة المأمون، وجاءت كتب البريد من خراسان تتضمن ذلك، فقلق المأمون لذلك قلقاً شديداً، ثم جاءته كتب البريد ثاني يوم أنه أصابته عقيب ما خلع حمى فوجد في فراشه ميتاً، وقيل إنه حدث به في جفن عينه حادث، فسقط ميتاً.

[وحكى هارون بن العباس بن المأمون في تاريخه، قال (٢) : دخل طاهر يوماً على المأمون في حاجة فقضاها وبكى حتى اغرورقت عيناه بالدموع، فقال طاهر: يا أمير المؤمنين لم تبكي لا أبكى الله عينك، وقد دانت لك الدنيا وبلغت الأماني، فقال: أبكي لا عن ذل ولا عن حزن، ولكن لا تخلو نفس من شجن، فاغتنم طاهر وقال لحسين الخادم وكان يحجب المأمون في خلواته: أريد أن تسأل أمير المؤمنين عن موجب بكائه عندما رآني، ثم أنفذ طاهر للخادم مائة ألف درهم، فلما كان في بعض خلوات المأمون وهو طيب الخاطر قال له حسين الخادم: يا أمير المؤمنين، لم بكيت لما دخل عليك طاهر فقال: مالك ولهذا ويلك قال: غمني بكاؤك، فقال: هو أمر إن خرج من رأسك أخذته، فقال: يا سيدي ومتى أبحت لك سراً قال: إني ذكرت محمداً أخي وما ناله من الذلة، فخنقتني العبرة، ولن يفوت طاهراً مني ما يكره، فأخبر حسين طاهراً بذلك، فركب طاهر إلى أحمد بن أبي خالد فقال له: إن الثناء مني ليس برخيص وإن المعروف عندي ليس بضائع، فغيبني عن المأمون، فقال: سأفعل، فبكر إلي غداً، وركب أحمد إلى المأمون فقال له: لم أنم البارحة، فقال له: ولم قال: لأنك وليت خراسان غسان وهو ومن معه أكلة رأس، وأخاف أن يصطلمه مصطلم، فقال: فمن ترى قال: طاهر، قال: هو


(١) انظر تفصيل هذا الخبر في كتاب ابن طاهر: ٧٣ وما بعدها.
(٢) ورد الخبر في المصدر السابق: ٢٣ وقد جاء في النسخة ج باختلاف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>