للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم لا بد من استفراغ الفاسد؛ لأن الإنسان من طبعه التقصير، والخطأ يلازمه في كثير من أحواله، فيستفرغ ما دخل على النفوس من أمور لا يرضاها الله تعالى- بالتوبة والاستغفار، فعن أبي مُوسى الأَشْعَرِيِّ رضِي الله عنه، عن النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ؛ لِيَتُوب مُسيءُ النَّهَارِ، وَيبْسُطُ يَدهُ بالنَّهَارِ ليَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مغْرِبِها» (١). فباب التوبة مفتوح على مدار الوقت، وليس بين العبد وبين ربه واسطة، وهو جل وعلا ينادي على عباده كل ليلة ليسألوه ويستغفروه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يَنزل ربُّنا- تبارك وتعالى- كُلَّ ليلة إلى السماء الدُّنيا حِين يَبقى ثُلُثُ الليل الآخر يقول: مَنْ يَدعوني، فأستجيبَ له؟ مَنْ يسألني فأعطيَه؟ مَنْ يَستغفرني فأغفرَ له؟» (٢).

فالله غفور رحيم؛ يغفر الذنوب، بل يُبدلها حسنات كرمًا منه سبحانه، كما قال: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: ٦٨ - ٧٠].

فطالب العلم بحاجة بعد الإخلاص إلى تطهير النفس وتهيئتها لتَقَبُّل العلم.

والذي يفسد على طلاب العلم أمر التحصيل: أمراض النفوس وعللها التي تحمل على الكسل، ومصاحبة رفقاء السوء، والوقوع في المعاصي.

ولا نجاة لنا في الدنيا ولا في الآخرة إلا بصلاح النفوس؛ قال تعالى: {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: ٨٧ - ٨٩]؛


(١) أخرجه مسلم (٢٧٥٩).
(٢) أخرجه البخاري (١١٤٥) ومسلم (٧٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>