للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقلب لا يكون سليما إلا بالسلامة من الشرك والشبهة والحسد والغل والمعاصي.

ومن حفظ طالب العلم لنفسه وعمله على صلاحها: ألا يصاحب إلا الأخيار الذين يعينونه على الطلب؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «المَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ؛ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ» (١).

وأما ما يفعله طلاب العلم من الجلوس مع أقرانهم؛ ليتدارسوا مسائل العلم، دون الذهاب إلى مجالس العلماء؛ فهذه آفة يجب التنبه لها؛ لأنهم جميعًا صغار أَغْرار في بداية الطلب؛ فيُضيعون الأوقات، ولا يُحْكِمون ما يتدارسونه، وقد يكون فهم أحدهم أسوأ من فهم الآخر، فلا يزدادون إلا سوء فهم وبُعد عن الطلب الصحيح، وقد يكون هذا سببًا في انحرافهم عن الفهم المستقيم.

وكذلك لا بد أن يكون لطالب العلم أن يكون كسبه طيبًا حلالًا، فإن هذا مما يعينه على الطلب والتحصيل؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ الله تعالى طَيِّبٌ لا يَقبل إلا طيبًا، وإنَّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المُرسلين؛ فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤمنون: ٥١]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: ١٧٢]، ثم ذكر الرجلَ يُطيل السفر، أشعث، أغبر، يَمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومَطعمه حرام، وملبسه حرام، وغُذي بالحرام، فأنَّى يُستجاب له؟!» (٢).

ثم على طالب العلم بعد حفظ نفسه من فتنة الشبهات والشهوات: أن يحفظ وقته؛ فلا يضيعه فيما لا يفيد، ولا يضيع لحظة بدون فائدة، وليحذر فضول الطعام والشراب والنوم، وليأخذ نفسه بالمجاهدة حتى تألف الطاعة وحفظ الوقت؛ كما قيل:


(١) أخرجه أحمد في «مسنده» (٨٣٩٨)، والترمذي (٢٣٧٨)، وأبو داود (٤٨٣٣)، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (٣٥٤٥)، و «الصَّحيحة» (٩٢٧).
(٢) أخرجه مسلم (١٠١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>