للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومدار الثواب والعقاب على العمل؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» (١).

فعلى الإنسان أن يحقق أسباب السعادة ونيل رضوان الله سبحانه وتعالى، فالجنة لا تحصل بالجسم ولا بالمال ولا بالحسب والنسب؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله عز وجل: {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء الآية: ٢١٤]، قال: «يا معشر قريش، اشتروا أنفسكم، لا أُغني عنكم من الله شيئًا، يا بني عبد مَناف، لا أُغني عنكم مِنْ الله شيئًا، يا عبَّاس بن عبد المطلب، لا أُغني عنك من الله شيئًا، ويا صفية عمَّة رسول الله، لا أُغني عنك من الله شيئًا، ويا فاطمة بنت محمد سَلِيني ما شئتِ من مالي؛ لا أُغني عنك من الله شيئًا» (٢).

ففاطمة رضي الله عنها مع كونها بنت النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي هو أعظم الخلق عند الله سبحانه وتعالى، إلا أن هذا النسب لا يُغني عنها من الله شيئًا، حتى تؤمن وتعمل صالحًا.

فعلى هذا يقصد بهذه المنازعة: أن يسعى العبد لأسباب السعادة؛ ويسأل الله القبول، ويحسن ظنه بالله؛ لأنه سبحانه قال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} [الكهف الآية: ٣٠]، وبعد الإيمان والعمل الصالح يرجو أن يكون من أهل الجنة، ولا يقولَنَّ-مثلًا-أنا على قَدَر الله تعالى؛ فإن شاء هداني وإن لم يشأ لم يهدني. فيترك أسباب نَيل الخير.

ويقول شارح «العقيدة الطحاوية»: "قد ظَنَّ بعضُ الناس أن التوكل ينافي الاكتساب وتعاطي الأسباب، وأن الأمور إذا كانت مُقَدَّرة فلا حاجة إلى الأسباب! وهذا فاسد؛ فإن الاكتساب: منه فرض، ومنه مُستحب، ومنه مباح، ومنه مكروه، ومنه


(١) أخرجه مسلم (٢٥٦٤)، وأيضًا بلفظ: «إنَّ الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم»، وأشار بأصابعه إلى صدره».
(٢) أخرجه البخاري (٢٧٥٣) ومسلم (٢٠٦) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>