للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَّا بِمُرَجِّحٍ، لَكِنْ إِذَا تَكَلَّمُوا فِي مَسَائِلِ فِعْلِ اللَّهِ، وَحُدُوثِ الْعَالَمِ، وَالْفَرْقِ بَيْنَ الْمُوجِبِ وَالْمُخْتَارِ، وَمُنَاظَرَةِ الدَّهْرِيَّةِ، تَجِدُ كَثِيرًا مِنْهُمْ يُنَاظِرُهُمْ مُنَاظَرَةَ مَنْ قَالَ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ وَالْجَهْمِيَّةِ الْمُجْبِرَةِ بِأَنَّ الْفَاعِلَ الْمُخْتَارَ يُرَجِّحُ أَحَدَ مَقْدُورَيْهِ بِلَا مُرَجِّحٍ.

وَبِهَذَا ظَهَرَ اضْطِرَابُهُمْ فِي هَذِهِ الْأُصُولِ [الْكِبَارِ]، الَّتِي يَدُورُونَ فِيهَا بَيْنَ أُصُولِ الْقَدَرِيَّةِ وَالْجَهْمِيَّةِ الْمُجْبِرَةِ الْمُعَطِّلَةِ لِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، وَلِصِفَةِ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ، وَبَيْنَ أُصُولِ الْفَلَاسِفَةِ الدَّهْرِيَّةِ الْمُشْرِكِينَ. (١) "

المتن

قال المصنف رحمه الله تعالى: "فالنار التي جعل الله فيها حرارة، لا يحصل الإحراق إلا بها وبمحل يقبل الاحتراق، فإذا وقعت على السَّمَنْدَل والياقوت ونحوهما لم تحرقهما، وقد يُطلى الجسم بما يمنع إحراقه، والشمس التي يكون عنها الشعاع لا بد من جسم يقبل انعكاس الشعاع عليه، وإذا حصل حاجز من سحاب أو سقف لم يحصل الشعاع تحته، وقد بسط هذا في غير هذا الموضع".

الشرح

بالنسبة لتأثير الأسباب في مسبّباتها فقد فقال ابن تيمية رحمه الله: "لفظ (التأثير) فيه إجمال، فإن القدرة مع مقدورها كالسبب مع المسبب والعلة مع المعلول والشرط مع المشروط.

فإن أريد بالقدرة القدرةُ الشرعية المصحِّحة للفعل المتقدِّمة عليه فتلك شرط للفعل وسبب من أسبابه وعلَّة ناقصة له.

وإن أريد بالقدرة القدرة المقارنة للفعل المستلزمة له فتلك علَّة للفعل وسبب


(١) منهاج السنة النبوية ١/ ٤٠٢ - ٤٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>