للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأهل السنة قولهم في الصفات مبني على أصلين:

أحدهما: أن الله سبحانه وتعالى منزه عن صفات النقص مطلقًا كالسنة والنوم والعجز والجهل وغير ذلك.

والثاني: أنه متصف بصفات الكمال التي لا نقص فيها على وجه الاختصاص بما له من الصفات، فلا يماثله شيء من المخلوقات في شيء من الصفات" (١).

فيعتقدون أن ما اتصف الله به من الصفات لا يُماثله فيها أحد من خلقه، فالله عز وجل قد أخبرنا بذلك بنصِّ كتابه العزيز حيث قال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى الآية: ١١]، فإذا ورد النص بصفة من صفات الله تعالى في الكتاب أو السنة-فيجب الإيمان به والاعتقاد الجازم بأن ذلك الوصفَ بالغٌ من غايات الكمال والشرف والعلو مما يَقطع جميع علائق أوهام المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين؛ فالشر كل الشر في عدم تعظيم الله، وأن يَسبق في ذهن الإنسان أن صفة الخالق تُشبه صفة المخلوق، فعلى القلب المؤمن المُصَدِّق بصفات الله التي تمدح بها أو أثنى عليه بها نبيه صلى الله عليه وسلم، أن يكون معظِّمًا لله جل وعلا غير مُتنجس بأقذار التشبيه؛ لتكون أرضُ قلبِه طيبةً طاهرة قابلة للإيمان بالصفات على أساس التنزيه أخذًا بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى الآية: ١١ (٢).

فمن أصول أهل السنة والجماعة وجوب صيانة توحيد الأسماء والصفات مما يضاده، وعقيدة المسلم من أن يتطرق إليها ما يُناقضها من الاعتقاد الفاسد في ذات الله تعالى وصفاته؛ لأن من الواجب أن يُقَدِّر الله حق قدره، ويُعظِّمَهُ حق تعظيمه، ولا يتأتى ذلك إلا بإثبات صفات الله تعالى كما وردت، وتنزيهه عن التعطيل


(١) منهاج السنة (٢/ ٥٢٣).
(٢) انظر: «منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات» (ص ٢١، ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>