للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخلقه الله تعالى من الثواب.

والرحمة ليست أمراً يقوم بذات الله عز وجل وإنما خلق مباين يخلقه في خلقه والسخط أمر ضار يخلقه في خلقه وكذلك الرضا، وحتى إذا وجدتهم يتأولون الضحك في النصوص بالرحمة فلا تظنن أنهم يريدون الرحمة التي يفهمها كل مسلم من أن الله عز وجل تقوم به صفة اسمها الرحمة ثم لها آثار في خلقه بل لا يريدون إلا أنه يخلق خلقاً في عبيده اسمه رحمة فحسب.

فأجاب المصنف عن هذا النوع من التأويل بقوله: "فإنّه يلزمه في ذلك نظير ما فرّ منه، فإن الفعل المعقول لا بدّ أن يقوم أولا بالفاعل، والثواب والعقاب المفعول إنما يكون على فعل ما يحبه ويرضاه، ويسخطه ويبغضه المثيب المعاقب، فهم إن أثبتوا الفعل على مثل الوجه المعقول في الشاهد للعبد مثّلوا، وإن أثبتوه على خلاف ذلك، فكذلك سائر الصفات"

وكذلك لو فسرت المحبة-مثلًا-بالمفعولات، وهي ما يخلقه الله تعالى من الثواب، فإنه يلزمه نظير ما فر منه، فإن الفعل المعقول لا بدّ أن يقوم أولًا بالفاعل، والثواب المفعول إنما يكون على فعل ما يحبه المثيب.

فالأفعال المنسوبة لله عز وجل على نوعين

النوع الأول: فعل متعدي مثل الخلق والرزق والإحياء والإماتة والتعذيب والإثابة وهذا الضرب من الأفعال لم ينازع أحد في إثباته لله عز وجل لا الجهمية ولا المعتزلة ولا الكلابية ولا الأشعرية ولا الماتردية ولا أهل الحديث وإنما نازع المعتزلة في خلق أفعال العباد لا ذواتهم

النوع الثاني: فعل لازم يقوم بالذات مبدئيًا وإن كان له أثر على المخلوقات فيما بعد مثل الكلام والرضا والسخط والمحبة والمجيء والنزول والاستواء

<<  <  ج: ص:  >  >>