للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحال الثاني: حال الكيف.

أي أن الأمر متعلق بالكيفية كمعرفة كيف ينزل ربنا إلى السماء الدنيا، فنحن لا نعلم كيفية نزوله، ولا كيفية استوائه، لا نعلم هذه الكيفيات فهي أمورٌ لا تبلغها عقولنا، فما جاء النص بما يصادم العقل، لكن قد يأتي النص بما لم يبلغه العقل.

وما لم يصل إليه عقل الإنسان، إما معنىً من جهة قصور فهمنا، أو حقيقة من جهة أن هذا الأمر غيبٌ من الغيوب، فهذه النصوص نقابلها بالتسليم والتصديق.

وإذا كان الأمر متعلقاً بالمعنى سألنا من كان فيها أفقه وأعلم وأعرف، فبالتالي سيبين لك ما هو المعنى المراد من هذا النص.

وإن كان أمراً متعلقاً بالكيفية من الأمور الغيبية فليس لنا إليه سبيل؛ لأنه محجوبٌ عنا، وقد قال تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: ٣٦]، فليس لنا أن تتخوض في شأن الكيف الذي لا سبيل لنا إليه.

فلا سبيل إلى الكيفيات التي غيبت عنا فهذه الروح بين جنبينا وأقرب شيء إلينا، ومع ذلك لا سبيل إلى معرفة كنهها وكيفيتها مع أنها مخلوقة وبين جنبي الإنسان، فإذاً علينا التسليم والتصديق والتفويض، فالتفويض هنا متعلقٌ بالكيف، أما تفويض المعنى فليس هناك أبداً في النصوص ما لا يُعلم معناه، اعلم هذا جزما، أنه ليس في النصوص ما لا يُعلم معناه، ولا يقول قائل: هذه الحروف المقطعة في أوائل السور لا يُعلم معناها، فهذه ليست كلاماً وإنما هي حروف، ولذلك أنت تقرأها ألف لام ميم، تقرأها حرفاً حرفاً، ومعلوم أن الكلام مركبٌ من الحروف.

فأنت عندما تنطقها تنطقها حروفاً لا تنطقها كلمة ليس ألف لام ميم مثل (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل)، فهذه تقرأ حرفاً حرف وهذه تُقرأ كلمة،

<<  <  ج: ص:  >  >>