للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبيَّن-رحمه الله-أن الله لا يقال عنه كيف، كما يُسأل بذلك عن المخلوق؛ لأنه تعالى لم يخبرنا بكنه ذاته وصفاته، وقد انحسرت العقول عن معرفة ذلك؛ ولأنه تعالى لا مثيل له ولا نظير، فلا يعلم كيف هو إلا هو.

• وعن الإمام الفضيل بن عياض-رحمه الله- (١٨٧ هـ) قال: ((ليس لنا أن نتوهم في الله كيف وكيف؛ لأن الله وصف نفسه فأبلغ، فقال: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص الآيات: ١ - ٤]، فلا صفة أبلغ مما وصف الله -عز وجل- نفسه، وكل هذا النزول والضحك، وهه المباهاة، وهذا الاطلاع كما شاء أن ينزل، وكما شاء أن يباهي، وكما شاء أن يضحك، وكما شاء أن يطلع، فليس لنا أن نتوهم كيف وكيف)) (١).

• وقال الإمام ابن قتيبة (٢) -رحمه الله- (ت ٢٧٦ هـ) أثناء مناقشته لمنكري الرؤية: ((فإن قالوا لنا: كيف ذلك المنظور والمنظور إليه؟ قلنا: نحن لا ننتهي في صفاته جل جلاله إلا حيث انتهى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا ندفع ما صحَّ عنه؛ لأنه لا يقوم في أوهامنا ولا يستقيم على نظرنا، بل نؤمن بذلك من غير أن نقول فيه بكيفيةٍ وحدٍّ، أو أن نقيس على ما جاء ما لم يأت، ونرجو أن يكون في ذلك من القول والعقد بسبيل النجاة والتخلص من الأهواء كلها غداً إن شاء الله تعالى)) (٣).

وذكر-رحمه الله-: ((أن الله وضع عن عباده أن يفكروا كيف كان، وكيف قدَّر، وكيف


(١) أورده شيخ الإسلام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل (٢/ ٢٣ - ٢٤).
(٢) عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، أبو محمد البغدادي، الإمام العلامة، اللغوي، أديب أهل السنة، صاحب المصنفات البديعة في السنة والأدب، توفي سنة ٢٧٦ هـ.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد (١٠/ ١٧٠)، سير أعلام النبلاء (١٣/ ٢٩٦).
(٣) تأويل مختلف الحديث ص (١٤٠ - ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>