والوجه الثاني: أن هؤلاء المستدلين بنفي الصفات بحجة نفي التجسيم هم أمام فريقين:
الفريق الأول: القائلين بوصف الله بتلك النقائص، وهؤلاء قد يحتجون على هؤلاء بقولهم نحن لا نقول بما نصفه من النقائص بالتجسيم والتحيز.
والفريق الثاني: أهل السنة المثبتة الكمال لله فإنهم يقولون ببطلان الملازمة وأن إثبات صفات الكمال لايقتضي تجسيما.
فيصبح نزاع الفريق الأول الذين يصفونه بالنقص مثل نزاع مع مثبتة الكمال من أهل السنة، والأولون مبطلون وأهل السنة محقون
وكون رد من سلك مسلك نفي التجسيم في إثبات التنزيه على كلا الطائفتين المحقة والمبطلة واحد هذا في غاية الفساد أن يكون طريق الاستدلال على التنزيه يستوي فيه النقض على الحق وعلى الباطل. فهذا من أفسد مسالك الرد على المخالف.
الوجه الثالث: أن هؤلاء الذين سلكوا مسلك التنزيه بدليل نفي التجسيم، قاموا في ذات الوقت بنفي صفات الكمال لله عز وجل بنفس هذا الدليل، ومعلوم أن صفات الكمال لله عز وجل واجبة لله بالأدلة العقلية والسمعية.
فهذه النتيجة التي توصلوا إليها بنفي صفات الكمال هي دليل واضح على فساد استدلالهم بدليل حدوث الأجسام.
والوجه الرابع: أن هذا الدليل يستدل به كل من نفاة الصفات من المعتزلة ومن وافقهم، ويستدل به كذلك نفاة بعض الصفات من متكلمة الصفاتية، وهؤلاء متناقضون فيما بينهم، والفرق بين الاثنين من حيث موقف كل واحد منهم في