للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المخالفون:

خالف الجصاص في ذلك حيث جعل قبول الدية راجعاً إلى القاتل؛ لأن الذي في كتاب الله هو القصاص فقط، فإذا أوجبنا الدية بغير رضاه أوجبنا عليه شيئاً من غير دليل قال الجصاص: (لما بينا من أن الذي أوجبه الله تعالى في الكتاب هو القصاص، وفي إثبات التخيير بينه وبين غيره زيادة في النص، ونفي لإيجاب القصاص، ومثله عندنا يوجب النسخ، فإذاً الواجب هو القود لا غيره، فلا جائز له أخذ المال إلا برضى القاتل؛ لأن كل من له قِبَل غيره حق يمكن استيفاءه منه لم يجز له نقله إلى بدل غيره إلا برضى من عليه الحق) (١)، كما أشار إلى ذلك الألوسي (٢).

النتيجة:

وما ذهب إليه السعدي ومن وافقه هو الصحيح، ومما يؤيده أن مقصد الآية الترغيب في الرضا بأخذ العوض عن دم القتيل بدلاً من القصاص (٣)، وحينئذ فلا معنى لربط ذلك برضا القاتل؛ لأن القصاص حق لولي المقتول فإذا تنازل عنه إلى شيء آخر لزم القاتل قبوله وقد يربط ذلك أيضاً بوجوب المحافظة على النفس وهي من الضرورات التي أوجبتها الشريعة فما

حفظ النفس وجب قبوله والدية هنا فيه حفاظ على النفس، وبذل ما سوى النفس هين في استبقائها (٤).


(١) انظر: أحكام القرآن للجصاص (١/ ١٨٧).
(٢) انظر: روح المعاني (٢/ ٥٠).
(٣) انظر: التحرير والتنوير (٢/ ١٤٢).
(٤) انظر: تفسير حدائق الروح والريحان (٣/ ١٣٢).

<<  <   >  >>