للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦١ - قال السعدي - رحمه الله -: (فإذا تقرر أن القصر في السفر رخصة، فاعلم أن المفسرين قد اختلفوا في هذا القيد، وهو قوله: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} الذي يدل ظاهره أن القصر لا يجوز إلا بوجود الأمرين كليهما، السفر مع الخوف.

ويرجع حاصل اختلافهم إلى أنه هل المراد بقوله: {أَنْ تَقْصُرُوا} قصر العدد فقط؟ أو قصر العدد والصفة؟ فالإشكال إنما يكون على الوجه الأول.

وقد أشكل هذا على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حتى سأل عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما لنا نقصر الصلاة وقد أمِنَّا؟ أي: والله يقول: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته" (١) أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

فعلى هذا يكون هذا القيد أتى به نظراً لغالب الحال التي كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عليها، فإن غالب أسفاره أسفار جهاد.

وفيه فائدة أخرى وهي بيان الحكمة والمصلحة في مشروعية رخصة القصر، فبيَّن في هذه الآية أنهى ما يتصور من المشقة المناسبة للرخصة، وهي اجتماع السفر والخوف، ولا يستلزم ذلك أن لا يقصر مع السفر وحده، الذي هو مظنة المشقة) ا. هـ (٢)

الدراسة:

استنبط السعدي ما استنبطه جمهور المفسرين من أن الصلاة تقصر في السفر مطلقاً، سواء كان فيه خوف أم لا، وجعلوا القيد خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، وزاد السعدي أن للقيد فائدة أخرى وهي بيان أعلى


(١) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة المسافرين وقصرها، ح (٦٨٦).
(٢) انظر: تفسير السعدي (١٩٧).

<<  <   >  >>