للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المخالفون:

خالف بعض المفسرين في هذا فقالوا بجواز نكاح الأمة الكتابية، وهذا بناء على أن معنى الإحصان هنا العفة، وممن قال بذلك: مجاهد، والشعبي، وأبو ميسرة، وسفيان (١).

النتيجة:

ما ذهب إليه السعدي ومن وافقه هو الصحيح، فيكون المحرم هنا الإماء الكتابيات مطلقاً، لدلالة مفهوم الحرائر على ذلك، ولقوله تعالى: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} فإنما أباح الإماء المؤمنات، مما يدل على أن الكتابيات لا يجوز نكاحهن.

وأما الفاجرات غير العفيفات فلا يجوز نكاحهن مطلقاً سواء من أهل الكتاب أو من غيرهم حتى يتوبا، لمفهوم المخالفة في العفيفات؛ ولعموم قوله تعالى: {وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ} [النور: ٣]، فهي دالة على حرمة إنكاح الزناة، ونكاح الزواني، كما أن العفة شرط في النكاح لقوله تعالى: {وَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} (٢) [النساء: ٢٥]، وفي ظاهر قوله: {إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}، دلالة على أنّ إماء الكتابيات لسن مندرجات في قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ}، إذ الإماء لا يعطون أجورهن، وإنما يعطي السيد (٣)، كما أن اختيار موطن النطفة ومن يصلح انتساب الأبناء إليه معتبر شرعاً فاختيار الأم العفيفة من حق الأبناء على أبيهم.


(١) انظر: البحر المحيط (٣/ ٤٤٨).
(٢) انظر: انشراح الصدور في تفسير سورة النور للاحم (٢٩).
(٣) انظر: البحر المحيط (٣/ ٤٤٨).

<<  <   >  >>