للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأما وروده من جهة الفعل فقد ثبت بالنقل المستفيض المتواتر أن النبي -صلى الله عليه وسلم - غسل رجليه في الوضوء، وأما من جهة القول فحديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- وفيه: .. فجعلنا نتوضأ

ونمسح على أرجلنا فنادى النبي -صلى الله عليه وسلم- بأعلى صوته: "ويل للأعقاب من النار، مرتين أو ثلاثاً" (١) وهذا يوجب استيعابهما بالغسل؛ لأن الوضوء اسم للغسل يقتضي إجراء الماء على الموضع، والمسح لا يقتضي ذلك (٢).

وأما ما استدل به القائلون بوجوب المسح، فإنه يجاب عنه بالآتي:

أولاً: قراءة الخفض، يجاب عنها، إما أن الخفض للجوار لا على موافقة الحكم وهذا سائر في لغة العرب، وإما أن يكون مسح الأرجل هنا المراد به الغسل الخفيف كما هو وارد أيضاً في لغة العرب، وإما أن يكون المراد على هذه القراءة الغسل مع الدلك لأن الرجل أقرب الأعضاء إلى ملابسة الأقذار لمباشرتها الأرض، وقيل إن هذه القراءة محمولة على المسح على الخفين (٣)، وعليه فالقراءتان متفقتان في إفادة وجوب غسل الرجلين.

ثانياً: أما ما ورد عن بعض السلف في ذلك فجوابه ما قاله ابن كثير بعد ذكره للآثار التي وردت في ذلك حيث قال: " .. فهذه آثار غريبة جداً، وهي محمولة على أن المراد بالمسح هو الغسل الخفيف، لما سنذكره من السنة الثابتة في وجوب غسل الرجلين .. " ا. هـ (٤)


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الوضوء، باب غسل الرجلين ولا يمسح على القدمين، ح (١٦٣)، ومسلم في صحيحه، كتاب الطهارة، باب وجوب غسل الرجلين بكمالهما، ح (٢٤١).
(٢) انظر: أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٤٣٥)، وانظر كذلك: مجموع فتاوى ابن تيمية (٢١/ ١٢٨ - ١٣٤).
(٣) انظر: جامع البيان (٤/ ٤٧١)، ومعالم التنزيل (٢/ ١٢)، والجامع لأحكام القرآن (٦/ ٩١)، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (٣/ ١١٢٣)، وأضواء البيان (٢/ ٧ - ١٤).
(٤) انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٣/ ١١٢٣).

<<  <   >  >>