للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الآخرة، والرد على نفاة الرؤية، ووجه استنباط ذلك من الآية أن نفي الإدراك الذي هو أخص أوصاف الرؤية يدل مفهومه أن الرؤية ممكنة، فلما كان النفي متعلقاً بالإدراك، دل مفهومه أن الرؤية ممكنة.

الموافقون:

وافق السعدي على هذا الاستنباط جمهور المفسرين، قال البغوي: (وأما قوله: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} علم أن الإدراك غير الرؤية لأن الإدراك هو: الوقوف على كُنهِ الشيء والإحاطة به، والرؤية: المعاينة، وقد تكون الرؤية بلا إدراك، فالله عز وجل يجوز أن يُرى من غير إدراك) (١)، وقال ابن كثير: (وقال آخرون: لا منافاة بين إثبات الرؤية ونفي الإدراك، فإن الإدراك أخص من الرؤية، ولا يلزم من نفي الأخص انتفاء الأعم) (٢)، وممن قال بذلك من المفسرين: ابن عطية، والرازي، وأبوحيان، والبيضاوي، وأبوالسعود، والألوسي، والشنقيطي. (٣)

المخالفون:

خالف المعتزلة فقالوا إن الآية تدل على نفي الرؤية، ووجه استنباط ذلك من الآية عندهم:

أولاً: أن الإدراك المضاف إلى الأبصار إنما هو الرؤية ولا فرق بين أدركته ببصري ورأيته إلا في اللفظ أو هما متلازمان لا يصح نفي أحدهما مع إثبات الآخر فلا يجوز رأيته وما أدركته ببصري ولا عكسه، فالآية نفت أن تراه الأبصار وذلك يتناول جميع الأبصار بواسطة اللام الجنسية في مقام


(١) انظر: معالم التنزيل (٢/ ٩٩).
(٢) انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٣/ ١٣٤٠).
(٣) انظر: المحرر الوجيز (٦٥١)، والتفسير الكبير (١٣/ ١٠٢)، والبحر المحيط (٤/ ١٩٨)، وأنوار التنزيل (١/ ٥٠٩)، وإرشاد العقل السليم (٢/ ٤٢٤)، وروح المعاني (٤/ ٢٣١)، وأضواء البيان (٢/ ٢٠٦).

<<  <   >  >>