للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

إليهم والإنذار) (١)، ومنهم من قال إن أطفال المشركين يعذبون في الآخرة؛ لأن العذاب المنفي هنا إنما هو في حق من يجوز بعثة الرسل إليهم، وممن قال بذلك من المفسرين: إلكيا الهراسي، وابن الفرس (٢).

النتيجة:

والحق في هذا الاستنباط أن الآية لا بد أن تفهم مع النصوص الأخرى؛ حتى يستقيم الاستنباط من الآية، وعليه فالحق أن أهل الفترة، وأطفال المشركين، يمتحنون يوم القيامة، فمن أطاع دخل الجنة ومن عصى دخل النار، عملاً بالنصوص الواردة في ذلك، وجمعاً بين الأدلة الأخرى وبين هذه الآية، قال ابن كثير: (ومنهم من ذهب إلى أنهم يمتحنون يوم القيامة في العَرَصَات، فمن أطاع دخل الجنة وانكشف علم الله فيهم بسابق السعادة، ومن عصى دخل النار داخرًا، وانكشف علم الله فيه بسابق الشقاوة، وهذا القول يجمع بين الأدلة كلها، وقد صرحت به الأحاديث المتقدمة المتعاضدة الشاهد بعضها لبعض. وهذا القول هو الذي حكاه الشيخ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، رحمه الله، عن أهل السنة والجماعة، وهو الذي نصره الحافظ أبو بكر البيهقي في "كتاب الاعتقاد" وكذلك غيره من محققي العلماء والحفاظ النقاد) (٣)، وقال الشنقيطي: (الظاهر أن التحقيق في هذه المسألة التي هي: هل يعذ المشركون بالفترة أو لا؟ هو أنهم معذورون بالفترة في الدنيا، وأن الله يوم القيامة يمتحنهم بنار يأمرهم باقتحامها، فمن اقتحمها دخل الجنة وهو الذي كان يصدق الرسل لو جاءته في الدنيا، ومن امتنع دخل النار وعذب فيها، وهو الذي كان يكذب الرسل لو جاءته في الدنيا، لأن الله يعلم ما كانوا عاملين لو جاءتهم الرسل.


(١) انظر: البحر المحيط (٦/ ١٥).
(٢) انظر: أحكام القرآن للهراسي (٤/ ٩١)، وأحكام القرآن لابن الفرس (٣/ ٢٥٦).
(٣) انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٥/ ٢٠٧٥).

<<  <   >  >>