للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وعندي: أن ليس في الآية دليل على مشروعية القرعة في الفصل بين المتساويين لأنها لم تحك شرعاً صحيحاً كان قبل الإِسلام إذ لا يعرف دين أهل السفينة الذين أجرَوْا الاستهام على يونس، على أن ما أُجري الاستهام عليه قد أجمع المسلمون على أنه لا يجري في مثله استهام، فلو صح أن ذلك كان شرعاً لمن قبلنا فقد نسخه إجماع علماء أمتنا) (١).

النتيجة:

ما ذهب إليه السعدي ومن وافقه هو الصحيح، وأما ما قاله ابن عاشور فمردود من وجهين:

أولهما: إن إقرار الله عز وجل لهذا الأمر في كتابه دون أن يتعقبه مغني عن معرفة ديانة أهل السفينة.

ثانيهما: إن الاستهام على مثل حالة يونس جائز حتى في شريعتنا إذ هو أخف الضررين وأدنى المفسدتين فلو قدر أن يكون مثل هذه الحالة في البحر وكان لا بد من رمي أحد الناس لتخف السفينة لم يكن في شريعتنا ما يمنع الاقتراع على رمي أحدهم إذ هلاك واحد أهون من هلاك الجميع (٢). والله أعلم.

ومما يؤيد المعنى المستنبط وهو مشروعية استعمال القرعة، ما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج أقرع بين نسائه، فأيتهن يخرج سهمها خرج بها النبي صلى الله عليه وسلم) (٣)، والحديث واضح الدلالة على مشروعية القرعة عند التساوي في الحقوق.


(١) انظر: التحرير والتنوير (٢٣/ ١٧٤).
(٢) انظر: تفسير القرآن الكريم سورة الصافات للعثيمين (٣١١).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه، ح (٢٨٧٩)، ومسلم في صحيحه، كتاب التوبة، باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف، ح (٢٧٧٠).

<<  <   >  >>