للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} من يرى أن القُرَب لا يفيد إهداؤها للأحياء ولا للأموات (١) قالوا لأن الله قال: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} فوصول سعي غيره إليه مناف لذلك، وفي هذا الاستدلال نظر، فإن الآية إنما تدل على أنه ليس للإنسان إلا ما سعى بنفسه، وهذا حق لا خلاف فيه، وليس فيها ما يدل على أنه لا ينتفع بسعي غيره، إذا أهداه ذلك الغير له، كما أنه ليس للإنسان من المال إلا ما هو في ملكه وتحت يده، ولا يلزم من ذلك، أن لا يملك ما وهبه له الغير من ماله الذي يملكه). ا. هـ (٢)

الدراسة:

استنبط بعض المفسرين من هذه الآية أن القرب لا يفيد إهداؤها إلى الغير، ووجه استنباطهم ذلك من الآية أن الأعمال المهداة ليست من سعيه، وما ليس من سعيه لا ينفعه لظاهر الآية، قال ابن كثير: (ومن هذه الآية الكريمة استنبط الشافعي، رحمه الله، ومن اتبعه أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى) (٣)، وممن قال بذلك من المفسرين أيضاً: الزمخشري، وابن الفرس، والرازي، وأبوحيان، وأبوالسعود (٤).


(١) اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين: القول الأول: أن القرب يجوز إهداؤها إلى الغير ويصل ثوابها إليه، وهو مذهب أحمد، وأبوحنيفة، وبعض أصحاب الشافعي، وجمهور السلف، القول الثاني: أن القرب لا يجوز إهداؤها إلى الغير ولا يصل ثوابها إليه، وهو المشهور من مذهب الشافعي، ومالك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (من اعتقد أن الإنسان لا ينتفع إلا بعمله فقد خرق الإجماع، وذلك باطل من وجوه، ثم ذكر واحد وعشرين وجهاً مما يؤيد جواز إهداء القرب إلى الغير. انظر: أحكام القرآن لابن الفرس (٣/ ٥١٣)، والفتاوى الكبرى لابن تيمية (٣/ ٣٣)، والروح لابن القيم (٢٩٧)، والإشارات الإلهية (٣/ ٢٩٨)، وتفسير حدائق الروح والريحان (٢٨/ ١٦٥)، وحاشية الجمل على الجلالين (٧/ ٣٣٢).
(٢) انظر: تفسير السعدي (٨١٨).
(٣) انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٧/ ٣٣٤٣).
(٤) انظر: الكشاف (١٠٦٣)، وأحكام القرآن لابن الفرس (٣/ ٥١٣)، والتفسير الكبير (٢٩/ ١٤)، والبحر المحيط (٨/ ١٦٤)، وإرشاد العقل السليم (٦/ ١٦١).

<<  <   >  >>