(وَ) الثاني: (إِنْ عَيَّنَهُ) أي: الحرز (رَبُّهَا) أي: رب الوديعة؛ بأن قال -مثلًا-: احفظها في هذا البيت، فعلى قسمين:
أإن أحرزها بمثل الحرز المعيَّن في الحفظ، أو أحرزها في حرز فوقه - ولو لغير حاجة-: لا يضمن الوديعة إن تلفت؛ لأن تعيين الحرز يقتضي الإذن في مثله، وفيما هو أحفظ من باب أولى.
ب (فَـ) إن (أَحْرَزَ بِدُونِهِ) أي: دون المعيَّن رتبةً في الحفظ فضاعت، فلا يخلو من أمرين:
١ - أن يمكنه إحرازها بمثله أو أعلى منه: ضمن، اتفاقاً؛ لمخالفته المودِع، ولأن بيوت الدار تختلف، فمنها ما هو أسهل نقبًا ونحوه.
٢ - أن لا يمكنه إحرازها إلا بما دونه: لم يضمنها؛ لأن إحرازها به في ذلك الحرز أحفظ لها من تركها بمكانها، وليس في وسعه حينئذ سواه.
- مسألة: الوديعة أمانة عند المودَع؛ لقوله تعالى:{فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته}[البقرة: ٢٨٣]، فإذا تلفت الوديعة لم يخل من أمرين:
١ - أن يكون تلفها بغير تعدٍّ ولا تفريط: فلا ضمان عليه فيها؛ لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أُودِعَ وَدِيعَةً، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ»[ابن ماجه ٢٤٠١، وضعفه الحافظ]، ولأن المستودَع يحفظها لمالكها، فلو ضُمنت لامتنع الناس من الدخول فيها، وذلك مضر؛ لما فيه