للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالت: جاءت امرأة رِفَاعةَ القُرَظي النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالت: كنت عند رفاعة، فطلقني، فأَبَتَّ طلاقي، فتزوجت عبدَ الرحمن بنَ الزَّبِير، إنما معه مثل هُدْبَة الثوب، فقال: «أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» [البخاري ٢٦٣٩، ومسلم ١٤٣٣]، فالنبي صلى الله عليه وسلم بين أنها مع إرادتها أن ترجع إلى الزوج الأول لا يحل له حتى يجامعها، فعلم أنه إذا جامعها حَلَّت للأول، ولو كانت إرادتها تحليلًا مفسدًا للنكاح؛ لم تحل له، سواء جامعها أو لم يجامعها، ولأنه خلا عن نية التحليل وشرطه؛ لأن كلًّا من الزوجة والزوج الأول والولي لا يملكون رفع العقد، فوجود نيتهم كعدمها، ومن لا فرقة بيده لا أثر لنيته.

وأما القول بأن امرأة رفاعة يحتمل أنها أرادت الرجوع إلى الأول بعد حل عقدة النكاح، وذلك لا يؤثر في فساد العقد، فالجواب: بأن جوز لها الرجوع بعد جماع الثاني مطلقاً، وتركُ الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال بمنزلة العموم في المقال.

واختار ابن عثيمين، واستظهره المرداوي: أن النية إذا وقعت من واحد من الثلاثة فإنها تُبْطِل العقد، ولا يحصل بها الإحلال؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إَنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنَّيَاتِ»، والولي حينما عقد لم ينوِ نكاحاً مستمرًّا دائماً، وكذلك الزوجة، ولأن بإمكانهم أن يسعوا في إفساد النكاح، بأن تنكد على الزوج حتى يطلقها، أو يُغْرُوه بالدراهم، وأما حديث عائشة، فيحتمل أنها أرادت ذلك بعد العقد لا قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>