(وَ) الثالث من الشروط الفاسدة المبطلة للعقد: نكاح (المُتْعَةِ)، سُمِّي بذلك؛ لأنه يتزوجها ليتمتع بها إلى أمد، وله صور:
الأولى: أن يعلق النكاح إلى مدة معلومة أو مجهولة، مثل أن يقول الولي: زوجتك ابنتي شهرًا، أو زوجتكها إلى انقضاء الموسم.
الثانية: أن يقول المتزوج: أمتعيني نفسك، فتقول: أمتعتك نفسي، لا بولي ولا شاهدين.
والدليل على هاتين الصورتين: حديث سَبْرة رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ مِنَ النِّسَاءِ، وَإِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، وفي لفظ:«أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ»[مسلم ١٤٠٦].
الثالثة: أن ينوي الزوج طلاقها بوقت بقلبه، أو يتزوج الغريب بنية طلاقها إذا خرج ليعود إلى وطنه؛ لحديث عمر رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إَنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنَّيَاتِ»، ولأنه شبيه بالمتعة، لأن الضرر الحاصل للزوجة بهذا النكاح كالقدر الحاصل بنكاح المتعة.
واختار الموفق، وشيخ الإسلام (١) وفاقاً للثلاثة: يصح العقد ولا يحرم؛ لأنه لم يشترطه، ولا تضر نيته، كما لو نوى إن وافقته وإلا طلقها، وهذه النية قد تتغير، وبذلك تفارق المتعة، ولأنه قاصد للنكاح وراغب فيه،
(١) هذا اختيار شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (٣٢/ ١٤٧)، والفروع (٨/ ٢٦٤)، وقال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (١٢/ ١٨٥): (وشيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ اختلف كلامه في هذه المسألة، فمرة قال بجوازه، ومرة قال بمنعه).