للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولأنه فرط بإزالة عقله فيما يُدخل فيه ضررًا على غيره، فأُلزم حكمَ تفريطه؛ عقوبة له.

وعنه، ورجع إليها أحمد، واختاره شيخ الإسلام: لا يقع طلاقه، ولا يؤاخذ بشيء من أقواله؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ)، والسكران لا يعلم ما يقول، فلا يقع طلاقه، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أقرَّ ماعزًا بالزنى أمر من يستنكهه، أي: لعله سكران [مسلم ١٦٩٥]، فدل على عدم اعتبار قوله، ولقول عثمان رضي الله عنه: «لَيْسَ لِمَجْنُونٍ وَلَا لِسَكْرَانَ طَلَاقٌ» [ابن أبي شيبة ١٧٩٠٨]، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: «طَلَاقُ السَّكْرَانِ وَالمُسْتَكْرَهِ لَيْسَ بِجَائِزٍ» [البخاري معلقاً مجزوماً ٧/ ٤٥، ووصله ابن أبي شيبة ١٨٠٢٧].

- مسألة: (أَوْ) أي: من (أُكْرِهَ) على الطلاق؛ كما لو أكره بما يؤلمه؛ كالضرب والخنق، (أَوْ هُدِّدَ) هو أو ولده، وقال ابن اللحام: (ويتوجه أيضاً: كل من يشق عليه تعذيبه مشقة عظيمة؛ من والد وزوجة وصديق)، (مِنْ قَادِرٍ) على ما هدده به؛ لأن التهديد إكراه بمفرده، (فَطَلَّقَ لِذَلِكَ)؛ لم يخل من أمرين:

١ - أن يُكرَه ظلماً؛ فيطلِّقَ تبعًا لقول مُكْرِهِه (١):

(لَمْ يَقَعْ) طلاقه؛


(١) قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (١٣/ ٢٤) عند قوله: «فطلق تبعاً لقوله لم يقع»: (هنا ثلاث حالات:
الأولى: أن لا يقصده مطلقاً، وإنما قصد دفع الإكراه.
الثانية: أن يقصده من أجل الإكراه.
الثالثة: أن يطمئن به فيكون فاعلاً له أكره عليه أم لم يكره.

ففي الأخيرة يقع الشيء ويحكم له بالاختيار قولاً واحداً، وفي الأولى لا يقع قولاً واحداً، وفي الثانية قولان، والراجح أنه لا يقع؛ لأنه قد طلق مغلقاً عليه، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا طلاق في إغلاق»).

<<  <  ج: ص:  >  >>