الموضع الثاني من المواضع التي يجب فيها الاستبراء: إذا وطئ أمته ثم أراد تزويجها أو بيعها: لم يجز له ذلك حتى يستبرئها، أما المنع من تزويجها؛ فلأن الزوج لا يلزمه استبراء، فيفضي إلى اختلاط المياه واشتباه الأنساب، وأما المنع من البيع؛ فلأن عمر رضي الله عنه أنكر على عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه بيع جاريةٍ له كان يطؤها قبل استبرائها [ابن أبي شيبة ١٧٤٩٥]، ولأنه يجب على المشتري لحفظ مائه، فكذلك البائع.
والموضع الثالث: إذا أعتق أم ولده، أو أعتق سُرِّيَّته، أي: الأمة التي اتخذها لوطئه، أو مات عن أم الولد أو السُّرية سيدُها؛ لزمها استبراء نفسها؛ لأنها فراشٌ لسيدها، وقد فارقها بالموت أو العتق، فلم يجز أن تنتقل إلى فراش غيره بلا استبراء.
ولا يلزمها استبراءٌ إن استبرأها قبل عتقها؛ لحصول العلم ببراءة الرحم، أو أراد بعد عتقها أن يتزوجها؛ فلا استبراء؛ لأنها لم تنتقل إلى فراش غيره.
واختار شيخ الإسلام: أن الاستبراء لا يقتصر على هذه المواضع الثلاث، بل يكون للمختلعة، والموطوءة بشبهة، والزانية، وتقدم في مواطنه، والمهاجرة من دار كفر، وغيرها.