الحال الثانية: أن تتزوجه وهي عالمة بعُسرته: فلها الخيار بين المقام عنده والفسخ؛ لأن النفقة يتجدد وجوبها كل يوم، فيتجدد لها الفسخ كذلك (١).
وعنه، واختاره ابن القيم: أنه ليس لها الفسخ في الحالتين؛ لحديث جابر رضي الله عنه في قصة اعتزاله صلى الله عليه وسلم نساءه شهرًا، وفيه:«فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عَائِشَةَ يَجَأُ عُنُقَهَا، فَقَامَ عُمَرُ إِلَى حَفْصَةَ يَجَأُ عُنُقَهَا، كِلَاهُمَا يَقُولُ: تَسْأَلْنَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ؟ ! »[مسلم: ١٤٧٨]، قال ابن القيم:(فهذا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يضربان ابنتيهما بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سألاه نفقة لا يجدها، ومن المحال أن يضربا طالبتين للحق، فدل على أنه لا حق لهما)؛ ولأنه لم يزل الناس تصيبهم الفاقة بعد اليسار، ولم يرفعهم أزواجهم إلى الحكام ليفرقوا بينهم، ولأنها إن تزوجته وهو معسر فقد دخلت على بصيرة، كما لو تزوجته وبه عيب وهي عالمة بذلك، وإن تزوجته وهو موسر ثم افتقر؛ فإنه لم تحصل منه جناية ولا عدوان، والله تعالى يقول:{ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها}[الطلاق: ٧]، وهذا لم يُؤْت شيئًا فلا يكلفه الله.
واختاره ابن عثيمين، وقال:(لكن لا يملك منعها من التكسب).
(١) بخلاف ما لو أعسر الزوج بالمهر وكانت عالمة بعسرته؛ فليس لها الفسخ، وتقدم في الصداق.