للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر شيخ الإسلام مواضع لا يجوز العفو فيه، وهي:

١ - قاتل الإمام؛ فيتحتم قتله حدًّا؛ لأن فساده عام أعظم من المحارب، وهو وجه في المذهب، واختاره القاضي.

٢ - ألا يحصل بالعفو ضرر، فإذا حصل منه ضرر كان ظلمًا من العافي إما لنفسه وإما لغيره، فلا يشرع العفو؛ لقوله تعالى: (فمن عفا وأصلح فأجره على الله)، فإن كان القاتل ممن عرف بالشر والفساد؛ فإن القصاص منه أفضل (١).

٣ - إذا كان القتل غيلة -والغيلة: القتل سرًّا لأخذ المال-؛ لأنه في معنى الحرابة، والمحارب إذا قتل وجب قتله، ولا يجوز العفو عنه؛ لحديث أنس رضي الله عنه: «أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، قِيلَ: مَنْ فَعَلَ هَذَا بِكِ، أَفُلانٌ، أَفُلانٌ؟ حَتَّى سُمِّيَ اليَهُودِيُّ، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَأُخِذَ اليَهُودِيُّ، فَاعْتَرَفَ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ» [البخاري ٢٤١٣، ومسلم


(١) قال شيخ الإسلام: (العدل نوعان، أحدهما: هو الغاية، وهو العدل بين الناس، والثاني: ما يكون الإحسان أفضل منه؛ وهو عدل الإنسان بينه وبين خصمه في الدم، والمال، والعرض، فإنَّ استيفاء حقه عدل، والعفو إحسان، والإحسان هنا أفضل، لكن هذا الإحسان لا يكون إحسانًا إلا بعد العدل، وهو أن لا يحصل بالعفو ضرر، فإذا حصل منه ضرر كان ظلمًا من العافي لنفسه، وأما لغيره فلا يشرع، ومحله ما لم يكن لمجنون أو صغير؛ فلا يصح العفو إلى غير مال؛ لأنه لا يملك إسقاط حقه). ينظر: كشاف القناع (١٣/ ٢٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>