وأما الـ (أَمْنُ مِنَ) الـ (حَيْفِ) فشَرْطٌ لجواز الاستيفاء؛ لوجوب القصاص حيث وجد شرطه وهو العدوان على مكافئه عمدًا مع المساواة في الاسم والصحة والكمال، لكن الاستيفاء غير ممكن؛ لخوف العدوان.
وأما المؤلف فتبع ابن قدامة في المقنع في أن الأمن من الحيف شرط لوجوب القصاص (١)، خلافاً لما في الإقناع والمنتهى.
- فرع: إمكان الاستيفاء بلا حيف: بأن يكون القطع من مَفْصل؛ كالكوع والمرفق والكعب.
فلا قصاص في جائفة، وهي الجرح الواصل إلى باطن الجوف، ولا في كسر عظم غير سن ونحوه، ولا إن قطع قصبة أنف، أو قطع بعض ساعد، أو بعض ساق، وإنما له الدية فقط؛ لحديث نِمران بن جارية، عن أبيه: أن رجلًا ضرب رجلًا على ساعده بالسيف، فقطعها من غير مفصل، فاستعدى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر له بالدية فقال: يا رسول الله، إني أريد القصاص فقال:«خُذِ الدِّيَةَ بَارَكَ اللهُ لَكَ فِيهَا» ولم يقض له بالقصاص [ابن ماجه ٢٦٣٦، وضعفه
(١) قال في الكشاف (١٣/ ٢٩٩): (فائدة ذلك: أنا إذا قلنا: إنه شرط للوجوب تعينت الدية إذا لم يوجد الشرط، وإن قلنا: إنه شرط للاستيفاء دون الوجوب انبنى على أصل وهو أن الواجب ماذا؟ فإن قلنا: القصاص عينًا؛ لم يجب بذلك شيء، إلا أن المجني عليه إذا عفا يكون قد عفا عمن يحصل له ثوابه، وإن قلنا: موجب العمد أحد شيئين؛ انتقل الوجوب إلى الدية كغيره).