للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) الثاني: أن (يَنْزَجِزَ إِذَا زُجِرَ)؛ لما تقدم.

(وَ) الثالث: أنه (إِذَا أَمْسَكَ) الصيد (لَمْ يَأْكُلْ) منه؛ لحديث عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ المُعَلَّمَ فَقَتَلَ فَكُلْ، وَإِذَا أَكَلَ فَلا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا أَمْسَكَهُ عَلَى نَفْسِهِ» [البخاري: ١٧٥، ومسلم: ١٩٢٩]، ولأن عادة المعلَّم أن ينتظر صاحبَه ليطعمه.

فإن أكل منه لم يُبَحْ؛ للخبر السابق، ولقوله تعالى: {فكلوا مما أمسكن عليكم} [المائدة: ٤]، وهذا إنما أمسكه على نفسه.

وقال ابن قدامة: (لا أحسب هذه الخصال تعتبر في غير الكلب، فإنه الذي يجيب صاحبه إذا دعاه وينزجر إذا زجر، والفهد لا يكاد يجيب داعيًا وإن عُدَّ متعلمًا، فيكون التعليم في حقه بترك الأكل خاصة، أو بما يعده أهل العرف متعلمًا).

قال شيخ الإسلام: (والتحقيق أن المرجع في تعليم الفهد إلى أهل الخبرة، فإن قالوا: إنه من جنس تعليم الصقر بالأكل؛ ألحق به، وإن قالوا: إنه يتعلم بترك الأكل كالكلب؛ ألحق به).

النوع الثاني: ما يصيد بمِخلبه؛ كباز، وصقر، فيكون معلمًا بالأمرين الأولين، ولا يشترط أن يترك الأكل؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: «إِذَا أَكَلَ الْكَلْبُ المُعَلَّمُ، فَلَا تَأْكُلْ، وَأَمَّا الصَّقْرُ وَالبَازِيُّ فَإِنَّهُ إِذَا أَكَلَ أُكِلَ» [عبد الرزاق: ٨٥١٤]، ولأن تعليمه بالأكل، ويتعذر تعليمه بدونه، بخلاف ما يصيد بنابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>