للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحَكَم (فِي كُلِّ مَا يَنْفُذُ فِيهِ حُكْمُ مَنْ وَلَّاهُ إِمَامٌ أَوْ نَائِبُهُ)، في المال، والقصاص، والحد، والنكاح، واللعان وغيرها، حتى مع وجود قاضٍ فهو كحاكم الإمام؛ لحديث شريح بن هانئ، عن أبيه هانئ رضي الله عنه: أنه لما وَفَد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعه وهم يكنون هانئًا أبا الحكم، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: «إِنَّ اللهَ هُوَ الْحَكَمُ، وَإِلَيْهِ الحُكْمُ، فَلِمَ تُكَنَّى أَبَا الحَكَمِ؟ » فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم، فرضي كلا الفريقين، قال: «مَا أَحْسَنَ مِنْ هَذَا، فَمَا لَكَ مِنَ الوَلَدِ؟ » قال: لي شريح، وعبد الله، ومسلم، قال: «فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟ » قال: شريح، قال: «فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ» فدعا له ولولده [أبو داود: ٤٩٥٥، والنسائي: ٥٣٨٧]، وتحاكم عمر وأُبَيٌّ إلى زيد بن ثابت رضي الله عنهم [البيهقي: ٢٠٤٦٣]، وتحاكم عثمان وطلحة إلى جبير بن مطعم رضي الله عنهم [البيهقي: ١٠٤٢٤]، ولم يكن أحد منهم قاضيًا.

وعنه: لا ينفذ في قود وقذف ولعان ونكاح؛ لأنها مبنية على الاحتياط، فلابد من عرضها على القضاء للحكم (١).


(١) قال في الفروع: (واختار شيخنا - يعني: شيخ الإسلام -: نفوذ حكمه بعد حكم حاكم لا إمام)، وقال ابن قندس عند هذه العبارة: (فلعله نفوذ حكمه لعدم حاكم، لكن الموجود في النسخ كما في الأصل، وقد تقدم أنه لم يذكر هذا في الاختيارات، فإن كان اللفظ نفوذ حكمه لعدم حاكم؛ فهو واضح، وإن كان ما في الأصل صحيحًا، فالمعنى الظاهر منه: أنه لا ينفذ إلا بعد حكم حاكم يحكم أنه نافذ، ويكون ذلك من باب ما إذا كان نفس الحكم مختلفًا فيه؛ لا يلزم تنفيذه إلا أن يحكم به حاكم؛ كالحكم على الغائب، والحكم بالشاهد واليمين على ما ذكره صاحب المحرر، والظاهر: أن الأول أولى، وأن اللفظ حصل به تغيير، والله أعلم) [حاشية ابن قندس على الفروع ١١/ ١٣٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>