ويرفعه في الجلوس؛ لحرمة الإسلام، قال تعالى:{أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون}[السجدة: ١٨]، ولما ورد عن علي رضي الله عنه أنه لما اختصم هو ورجل نصراني عند شريح؛ أجلس شريحٌ عليًّا رضي الله عنه في مجلسه, وجلس شريح قدامه إلى جنب النصراني، فقال له علي رضي الله عنه:«أَمَا يَا شُرَيْحُ لَوْ كَانَ خَصْمِي مُسْلِمًا لَقَعَدْتُ مَعَهُ مَجْلِسَ الخَصْمِ»[البيهقي: ٢٠٤٦٥، وضعفه].
٣ - أن يأذن أحد المتخاصمين للقاضي في أن يرفع الخصم الآخر في المجلس؛ لأن الحق له وقد أسقطه.
- مسألة:(وَحَرُمَ القَضَاءُ وَهُوَ غَضْبَانُ)، والغضب لا يخلو من حالين:
١ - أن يكون الغضب (كَثِيراً): فيحرم؛ لخبر أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ»[البخاري: ٧١٥٨، ومسلم: ١٧١٧]، ولأنه ربما حمله الغضب على الجور في الحكم.
٢ - أن يكون الغضب يسيرًا لا يمنع فهم الحكم: فلا يحرم؛ لعدم تحقق علة المنع (١).
(١) استدل ابن عثيمين على جواز القضاء حال الغضب اليسير بحديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما في قصة الأنصاري الذي اختصم مع الزبير، وفيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير: «أَسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلِ المَاءَ إِلَى جَارِكَ»، فغضب الأنصاري، فقال: أن كان ابن عمتك؟ فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: «أسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسِ المَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الجَدْرِ» [البخاري: ٢٣٥٩، ومسلم: ٢٣٥٧]، والأصحاب يستدلون به فيما إذا خالف القاضي وحكم وهو غضبان، فوافق الحق، أن حكمه ينفذ، ويقولون: إن ذلك من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، أن له القضاء مع الغضب الكثير؛ لأنه لا يجوز عليه غلط يقر عليه لا قولًا ولا فعلًا في حكم. ينظر: الشرح الكبير ١١/ ٤٠١، كشاف القناع ٦/ ٣١٦.